للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أمر أن يذكر العاضد فى الخطبة بكلام يحتمل التلبيس على الشيعة، فكان الخطيب يقول: اللهم أصلح العاضد لدينك. لا غير.

وفى يوم الاثنين، بعد طلوع الشمس، الثّانى عشر من شوّال حدثت زلزلة عظيمة مهولة بدمشق سقط منها بعض شرف الجامع الأموى وتشقّق رأسا المنارتين الشّرقية والغربية، وكانت المنارة الشماليّة تهتز اهتزاز السّعفة فى الرّيح العاصفة. ثمّ جاءت زلزلة أخرى بعد ساعة، ثم جاءت زلزلة ثالثة بعد العصر. وأثرت هذه الزّلزلة آثارا شنيعة بحلب وبعلبك وحمص وحماة وشيزر وكفر طاب وتل بارين والمعرّة وتل باشر وعزاز وأفامية وأبو قبيس والمنيطرة وحصون الباطنيّة بأسرها. وامتدّت إلى الجزيرة والموصل ونصيبين وسنجار ودنيسر وماردين والرّها وحرّان ورأس العين والرّقّة وقلعة جعبر وقلعة نجم وبالس ومنبج وبزاعا وعين تاب وحارم وأنطاكية وما خلفها من الثغور وبيروت وأطرابلس وعرقة وطرسوس وجبلة والمرقب واللاذقيّة وعكّا وصور وغيرها؛ فمنها ما دمّر بأسره ومنها ما ذهب أكثره ومنها ما ذهب بعضه ومنها ما تشعّث. وهلك بحلب عدد كثير من النّاس وببعلبك، ولم يهلك بدمشق غير واحد أصابته قطعة من حجر فسقط على درج جيرون فمات. وجاءت بدمشق زلازل فى عدّة ليالى وأيّام إلى يوم الجمعة عاشر ذى القعدة (١).

فيها ولى القاضى المفضّل أبو القاسم هبة الله بن كامل قضاء القضاة فى ذى الحجة؛ فرتّب صلاح الدّين الفقيه عيسى الهكّارى بحكم (٢) القاهرة وابن كامل بحكم مصر.


(١) وأزعجت هذه الزلازل نور الدين الذى كان يخشى من تحرك الفرنج انتهازا للخراب الذى شمل البلاد، فقام بحركة تفتيشية سريعة زار فيها مواقع الدمار وأمر بالتعمير وحصن مواقع الخطر وشحنها بالمقاتلة. وقد أصاب الفرنج مثل ما أصاب المسلمين. يقول أبو شامة: وأما بلاد الفرنج خذلهم الله تعالى، فإنها أيضا فعلت بها الزلزلة قريبا من هذا، وهم أيضا يخافون نور الدين على بلادهم. فاشتغل كل منهم بعمارة بلاده من قصد الآخر. الكامل: ١٣٢:١١ - ١٣٣؛ كتاب الروضتين ٤٦٧:١ - ٤٦٨.
(٢) يعنى قضاء القاهرة وقضاء مصر.