للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار إلى جبل يقال له «إيكجان (١)»، وفيه «فجّ الأخيار»، فقال:

«هذا فجّ الأخيار، وما سمى إلا بكم، ولقد جاء فى الآثار: للمهدى هجرة تنبو عن الأوطان، ينصره فيها الأخيار من أهل ذلك الزمان، قوم اسمهم مشتق من الكتمان، وبخروجكم فى هذا الفج سمى فجّ الأخيار».

فتسامعت القبائل، وأتاه البرابر من كل مكان، فعظم أمره إلى أن تقاتلت كتامة عليه مع قبائل البربر، وهو لا يذكر فى ذلك اسم المهدى، فاجتمع أهل العلم على مناظرته وقتله، فمنعه الكتاميون من المناظرة، وكان اسمه عندهم «أبا عبد الله المشرقى»

وبلغ خبره إلى إبراهيم بن أحمد بن الأغلب - أمير إفريقية -، فأرسل إلى عامله على مدينة ميلة (٢) ليسأله عن أمره، فصغّره عنده، وذكر أنه يلبس الخشن، ويأمر بالخير والعبادة، فسكت عنه.

ثم إن أبا عبد الله قال للكتاميين.

أنا صاحب البذر الذى ذكر لكم أبو سفيان والحلوانى.

فازدادت محبتهم له، وتعظيمهم لأمره، فلما ظهر لأهل المغرب علمه وفضله، قال أحد الأولياء لأصحابه:

«لولا واحدة كان الحلوانى يقولها ما تخالجنى الشك فى أن هذا الرجل هو الذى كان الحلوانى يبشّر به».


(١) يوجد فى الهامش بالنسختين تعريف بجبل ايكجان هذا نصه:
«ايكجان جبل بالقرب من قسنطينة، فيه قبائل كتامة، وهم كرام وقد فنوا».
وقال الدكتور حسن ابراهيم حسن فى كتابه «الفاطميون فى مصر، ص ٥٦» ان ايكجان يقع فى منتصف الطريق بين طنجة وفاس، وايكجان جمع حاج، وكانوا يطلقون عليه من قديم الزمان Tzajjan وهو محل اجتماع الحجاج من الأندلس وشمال المغرب الأقصى.
(٢) ميلة عرفها ياقوت بأنها مدينة صغيرة بأقصى افريقية، بينها وبين بجاية ثلاثة أيام، وبينها وبين قسنطينة يوم واحد.