للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإبريق من حجر مانع يسع مائة رطل ماء (١)، وسبعمائة يتيمة بزهر (٢)، والطّبل الذى صنع لإزالة القولنج، وكان بالقرب من موضع العاضد، فلمّا احتاطوا بالقصر ظنّوه عمل للّعب فسخروا من العاضد، وضرب عليه إنسان فضرط فتضاحك من حضر منهم، ثم ضرب عليه آخر فضرط، ثم آخر من بعد فضرط، حتى كثر ذلك فألقاه من يده فتكسّر؛ وقيل للسّلطان عليه وأنّه عمل للقولنج فندم على كسره.

ووجد من الكتب النّفيسة ما لا يعدّ؛ ويقال إنها كانت ألف ألف وستمائة ألف كتاب، منها مائة ألف مجلّد بخطّ منسوب (٣)، وألف ومائتان وعشرون نسخة من تاريخ الطّبرى؛ فباع السلطان جميع ذلك، وقام البيع فيها عشر سنين (٤).

ونقل أهل العاضد وأقاربه إلى مكان بالقصر ووكل بهم من يحفظهم. وأخرج سائر ما فى القصر من العبيد والإماء فباع بعضهم وأعتق بعضهم ووهب منهم. وخلا القصر من ساكنه كأن لم يغن بالأمس.

وكانت مدّة الدّولة الفاطميّة بالمغرب ومصر منذ دعا للمهدىّ عبيد الله برقّادة من القيروان إلى حين قطعت من ديار مصر مائتى سنة وتسعا وستّين سنة وسبعة أشهر وأيّاما، أوّلها لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين وآخرها سلخ ذى الحجّة سنة ستّ وستّين وخمسمائة. منها بالمغرب إلى حين قدوم القائد جوهر إلى مصر أحد وستّون سنة وشهران وأيّام؛ ومنها بالقاهرة ومصر مائتا سنة وثمانى سنين. وما أعجب قول المهدى ابن الزّبير فى مدح العاضد:


(١) أرسله السلطان إلى بغداد. نفس المصدر.
(٢) لعله البادزهر الذى يعرف به القلقشندى قائلا إنه حجر خفيف هش، وأصل تكونه فى الحيوان المعروف بالأيل (بتشديد الياء) بتخوم الصين الذى يأكل الحيات فينتج هذا الحجر فى الدموع التى تسقط من عينيه ويتربى الحجر حتى يكبر ويحتك فيسقط. وقيل يكون فى قلبه، وقيل فى مرارته؛ ويصاد هذا الحيوان لأجله. صبح الأعشى: ٢: ١١٦ - ١١٨.
(٣) أى بخط كبار الكتاب المعروفين من أمثال ابن البواب وابن مقلة.
(٤) و «حصل للقاضى الفاضل قدر كبير منها حيث شغف بحبها، وذلك أنه دخل إليها واعتبرها، فكل كتاب صلح له قطع جلده ورماه فى بركة كانت هناك، فلما فرغ الناس من شراء الكتب اشترى تلك الكتب التى ألقاها فى البركة على أنها مخرومات، ثم جمعها بعد ذلك». كتاب الروضتين: ٥٠٧:١. ويقول ابن واصل: «فحمل من الكتب إلى الشام ثمانية أحمال، وترك الباقى، فبيع بعضه، وأطلق البعض لمن يختص به». مفرج الكروب: ٢٠٣:١.