ثيابهم، وقتلوا منهم وجرحوا عدة، وعلم بذلك أهل البلد، فصاحوا من أعلى المواذن بالناس يعلمونهم الخبر، ثم قدم المأخوذون فارتاع الناس واشتد خوفهم وتحيروا، ثم جرت بينهم بعد ذلك وبين جعفر مراسلة، فخرجوا إليه، فاشتد عليهم وخوفهم بالنار والسيف، فعادوا وقد ملئوا رعبا، فبلغوا قوله للناس وقد تحيروا، فاقتضى رأيهم معاودة جعفر في طلب العفو، فرجع المشايخ إليه، وما زالوا يتضرعون إليه حتى قال: ما أعفو عنكم حتى تخرجوا إلي ومعكم نساؤكم مكشوفات الشعور فيتمرغن في التراب بين يدي لطلب العفو.
فقالوا له: نفعل ما يقول القائد.
وما برحوا يذلون له حتى انبسط معهم في الكلام، وتقرر الأمر على أنه يدخل يوم الجمعة إلى الصلاة في الجامع.
فلما كان يوم الجمعة ركب في عسكره، ودخل البلد فصلى بالجامع وخرج، فوضع أصحابه أيديهم ينهبون الناس، فثاروا عليهم، وقتلوا منهم كثيرا؛ وخرج إليه المشايخ فأنكر عليهم، وقال لهم: دخل رجال أمير المؤمنين للصلاة فقتلتموهم وهددهم، فلطفوا معه القول وداروه، فأومأ إلى مال يأخذه من البلد دية من قتل من رجال أمير المؤمنين، فأجابوه، وكان في الجماعة أبو القاسم أحمد المعروف بالعقيقي العلوي وهو أحمد بن الحسن الأشل بن أحمد بن علي الرئيس بالمدينة كان بن محمد العقيقي بن جعفر بن عبد الله ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فانصرفوا من عنده، وفرضوا له المال، فعم الناس البلاء في جبايته.
ونزل بظاهر سور دمشق فوق نهر يزيد أصحاب جعفر فبنوا المساكن، وأقاموا بها الأسواق، وصارت شبه المدينة، واتخذ لنفسه قصرا عجيبا من الحجارة، وجعله عظيما