للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى أواخر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة حفر القائم الخنادق حول أرباض المهدية، وكتب إلى زيرى (١) بن مناد سيد صنهاجة، وإلى سادات كتامة والقبائل يحثهم على الاجتماع بالمهدية، فتأهبوا للمسير إليه.

ورحل أبو يزيد نحو المهديّة، فنزل على خمسة عشر ميلا منها، وبثّ سراياه فانتهبوا ما وجدوا، وقتلوا من أصابوا.

فلما كان يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الأولى من السنة خرجت كتامة وأصحاب القائم إلى أبى يزيد، فالتقوا على ستة أميال من المهدية، واقتتلوا مع أصحاب أبى يزيد، وأدركهم أبو يزيد وقد انهزم أصحابه وقتل كثير منهم، فلما رآه الكتاميون انهزموا من غير قتال، وأبو يزيد فى أثرهم إلى باب الفتح.

واقتحم قوم من البربر باب الفتح، وأشرف أبو يزيد على المهدية، ثم رجع إلى منزله، وعاد إلى المهدية، ووقف على الخندق المحدث، وقاتل عليه حتى وصل إلى باب المهدية عند المصلى الذى للعيد - وبينه وبين المهدية رمية سهم -، وتفرّق أصحابه فى زويلة ينهبون ويقتلون، وهم لا يعلمون ما صنع أبو يزيد فى ذلك الجانب، فحمل الكتاميون على البربر، وهزموهم وقتلوا منهم.

ووصل زيرى بن مناد فعظم القتال (٢)، وتحيّر أبو يزيد، وقد مالوا عليه ليقتلوه، فتخلّص إلى منزله بعد المغرب، ورحل إلى ترنوطة (٣)، وحفر على عسكره خندقا، واجتمع


(١) الاصل: «ابن زيرى» والتصحيح عن (ج)
(٢) انظر تفصيل الحديث عن هذا القتال فى: (ابن الأثير: الكامل، ج ٨، ص ١٦٦ - ١٦٧) ولاحظ أن هذا الفصل كله موجز عن ابن الأثير، فالمقريزى ينقل عنه بعض الجمل نقلا حرفيا، ويختصر بالحذف أو التغيير البسيط عند نقل البعض الآخر.
(٣) ذكرها (البكرى: المغرب، ص ٣١) على أنها ترنوط - لا ترنوطة -، وقال انها فحص على ستة أميال من المهدية، ومنها زاحف أبو يزيد المهدية، وبهذا الفحص كانت محلته أيام حصار المهدية».