وكان شمول قد خرج منها إلى جعفر، فلقيه بطبرية، وصار البلد خاليا من السلطان، فطمع الطامع، وكثر الذعار وحمال السلاح به وجهز جعفر من طبرية من استمالهم من مرة وفزارة لحرب بني عقيل بحوران والبثنية، وأردفهم بعسكر من أصحابه، فواقعو بني عقيل، وهزموهم إلى أرض حمص وهم خلفهم؛ ثم رجعوا إلى الغوطة، وامتدت أيديهم إلى أخذ الأموال وهم سائرون حتى نزلوا بظاهر دمشق، فثار عليهم أهل البلد، وقاتلوهم وقتلوا منهم كثيرا من العرب، فانهزموا عنها، وذلك لثمان خلون من ذي الحجة، فلحقوا بطلائع جعفر، فساروا معها إلى دمشق، وخرج إليهم الناس مستعدين لمحاربتهم في خيل ورجل فاقتتلوا يومهم ثم انصرفوا، وأصبحوا يوم الجمعة فاقتتلوا، وصاح الناس في الجامع بعد الصلاة: النفير، فخرج النفير، واشتد القتال إلى آخر النهار.
ونزل جعفر يوم السبت لعشر خلون منه بالشماسية، وأصبح الناس للقتال، ولم يصلوا ذلك اليوم في المصلى صلاة العيد، فاستمروا طول النهار ومعهم الجند الذين كانوا مع شمول، فكلوا، وحملت معهم المغاربة فانهزموا، وتمكن السيف منهم وهم منهزمون إلى أرض عاتكة وقصر حجاج، فقتل خلق كثير؛ وكان رئيس أهل الشام في هذه الحروب أبو القاسم ابن أبي يعلى العباسي، ومحمد بن عصودا وصدقة الشوا.
فلما ملك المغاربة ظاهر البلد طرحوا النار فيما هنالك من الأسواق وغيرها، وصاروا إلى باب الجابية، وأصبحوا وقد ضبط الرعية أبواب البلد، فاستمرت الحرب طول النهار مما يلي المصلى، ثم كفوا عن القتال وباتوا؛ فلما أصبح النهار خرج قوم من مشايخ البلد لمخاطبة جعفر وهو بالشماسية في إصلاح أمر البلد، فأخذهم قوم من المغاربة، وسلبوهم