للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار إلى قتال الكتاميين فتلاقى مع طلائعهم، فانهزمت الطلائع، وتبعهم البربر إلى رقادة، فنزل أبو يزيد بالقرب من القيروان فى مائة ألف مقاتل، وقاتل أهل رقادة، فقتل من أهل القيروان خلقا كثيرا، ودخل القيروان عسكره فى أواخر صفر، فانتهبوا البلد وقتلوا، وأخذ عامل القيروان (١) فحمل إلى أبى يزيد فقتله.

وخرج شيوخ القيروان إلى أبى يزيد - وهو برقادة - فطلبوا الأمان فماطلهم، وأصحابه يقتلون وينهبون، فعادوا إلى الشكوى وقالوا:

«خربت المدينة».

فقال: «وما تكون؟ خربت مكة والبيت المقدس؟!»

ثم قدم ميسور فى عساكر عظيمة، فالتقى (٢) بأبى يزيد، واشتد القتال بينهما، وقتل ميسور، وحمل رأسه إلى أبى يزيد، فانهزم عامة عسكره.

وسيّر أبو يزيد الكتب إلى عامة (٣) البلاد يخبر بهذا الظفر، فخاف القائم ومن معه بالمدينة، وانتقل الناس من أرباضها، فاحتموا بالسور، فمنعهم القائم، ووعدهم الظفر، فعادوا إلى زويلة واستعدوا، وأقام أبو يزيد شهرين وثمانية أيام فى خيم ميسور، وهو يبعث السرايا إلى كل ناحية، فيغنمون ويعودون؛ وفتح سوسة (٤) بالسيف، وقتل الرجال، وسبى النساء، وأحرق البلد، وشقّ أصحابه فروج النساء، وبقروا البطون، حتى لم يبق موضع فى إفريقية معمور، ولا سقف مرفوع، ومضى جميع من بقى إلى القيروان حفاة عراة، فمات أكثرهم جوعا وعطشا.


(١) كان قائد جيش أبى يزيد اسمه «أيوب الزويلى»، أما عامل رقادة فاسمه خليل، انظر تفصيلا أكثر للحوادث فى: (ابن الأثير: الكامل، ج ٨، ص ١٦٥)
(٢) الأصل: «فالتقيا» والتصحيح عن (ج).
(٣) الأصل: «عاملة»، والتصحيح (ج).
(٤) ذكر ياقوت فى معجمه أنها مدينة صغيرة بنواحى افريقية بينها وبين سفاقس يومان، كان أكثر أهلها حاكة ينسجون الثياب السوسية الرفيعة، وبينها وبين المهدية ثلاثة أيام، وبين القيروان وبينها ستة وثلاثون ميلا، ويحيط بها البحر من ثلاث نواح من الشمال والجنوب والشرق، وقال: «وحاصرها أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجى شهورا ثم انهزم عنها، وكان عليها فى ثمانين ألفا».