قريبة من قريته، وكان قرمط من قرية تعرف بالدور على نهر هد من رستاق مهروسا من طسوج فرات بادفلي.
وإنما قيل له قرمط لأنه كان قصيرا ورجلاه قصيرتين، وخطوه متقاربا، فسمى لذلك قرمطا.
فلما قال للحسين: ما تريد في القرية التي سألتني عنها؟ قال له: رفع إلى جراب فيه علم وسر من أسرار الله، وأمرت أن أشفي هذه القرية، وأغني أهلها وأستنقذهم، وأملكهم أملاك أصحابهم.
وابتدأ يدعوه، فقال له حمدان قرمط: يا هذا: نشدتك الله، ألا رفعت إلي من هذا العلم الذي معك، وأنقذتني ينقذك الله؟.
قال له: لا يجوز ذلك أو آخذ عليك عهدا وميثاقا أخذه الله على النبيين والمرسلين، وألقى إليك ما ينفعك.
فما زال يضرع إليه حتى جلسا في بعض الطريق، وأخذ عليه العهد، ثم قال له: ما اسمك؟.
قال له قرمط: قم معي إلى منزلي حتى تجلس فيه، فإن لي إخوانا أصير بهم إليك لتأخذ عليهم العهد للمهدي.
فصار معه إلى منزله، وأخذ على الناس العهد، وأقام بمنزل حمدان قرمط، فأعجبه أمره، وعظمه؛ وكان الحسين على غاية ما يكون من الخشوع صائماً نهاره، قائماً ليله، فكان المغبوط من أخذه إلى منزله ليلةً؛ وكان يخيط لهم الثياب ويكتسب بذلك، فكانوا يتبركون به وبخياطته.