فرجع عبدان إلى قرمط؛ وعرفه الخبر، فجمع الدعاة وأمرهم بقطع الدعوة حنقا من قول صاحب سلمية: لا حق لمحمد بن إسماعيل في هذا الأمر ولا إمامة.
وكان قرمط إنما يدعو إلى إمامة محمد بن إسماعيل، فلما قطعوها من ديارهم لم يمكنهم قطعها من غير ديارهم، لأنها امتدت في سائر الأقطار، ومن حينئذ قطع الدعاة مكاتبة الذين كانوا بسلمية.
وكان رجل منهم قد نفذ إلى الطالقان يبث الدعوة، فلما انقطعت المكاتبة طال انتظاره، فشخص يسأل عن قرمط، فنزل على عبدان بسواد الكوفة، فعتبه وعتب الدعاة في انقطاع كتبهم، فعرفه عبدان قطعهم الدعوة، وأنهم لا يعودون فيها، وأنه تاب من هذه الدعوة حقيقة، فانصرف عنه إلى زكرويه بن مهرويه ليدعو كما كان أبوه، ويجمع الرجال، فقال زكرويه: إن هذا لا يتم مع عبدان لأنه داعي البلد كله والدعاة من قبله، والوجه أن نحتال على عبدان حتى نقتله.
وباطن على ذلك جماعة من قرابته وثقاته، وقال لهم: إن عبدان قد نافق وعصى وخرج من الملة.
فبيتوه ليلا وقتلوه، فشاع ذلك، وطلب الدعاة وأصحاب قرمط زكرويه بن مهرويه ليقتلوه فاستتر، وخالفه القوم كلهم إلا أصل دعوته، وتنقل في القرى وذلك في سنة ست وثمانين والقرامطة تطلبه إلى سنة ثمان وثمانين فأنفذ ابنه الحسن إلى الشام، ومعه من القرامطة رجل يقال له أبو الحسين القاسم بن أحمد، وأمره أن يقصد بني كلاب، وينتسب إلى محمد بن إسماعيل، ويدعوهم إلى الإمام من ولده، فاستجاب له فخذ من بني العليص ومواليهم وبايعوه، فبعث إلى زكرويه يخبر بمن استجاب له بالشام، فضم إليه