للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن زولاق:

«أنا سبّحت خلفه فى كل ركعة وفى كل سجدة نيفا وثلاثين تسبيحة، وكان القاضى النعمان بن محمد يبلغ عنه التكبير؛ وقرأ فى الثانية بأم الكتاب وسورة «والضحى»، ثم كبّر أيضا بعد القراءة؛ وهى صلاة جده على بن أبى طالب، وأطال أيضا فى الثانية الركوع والسجود، وأنا سبّحت خلفه نيفا وثلاثين تسبيحة فى كل ركعة وفى كل سجدة؛ وجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فى كل سورة، وأنكر جماعة يترسمون بالعلم قراءته قبل التكبير، لقلة علمهم وتقصيرهم فى العلوم.

فلما فرغ من الصلاة صعد المنبر، وسلّم على الناس يمينا وشمالا، ثم نشر البندين اللذين كانا على المنبر فخطب وراءهما، وكان فى أعلى درجة من المنبر وسادة ديباج مثقل، فجلس عليها بين الخطبتين، واستفتح الخطبة ببسم الله الرحمن الرحيم.

وكان معه على المنبر جوهر، وعمار بن جعفر، وشفيع - صاحب المظلة -، ثم قال:

«الله أكبر الله أكبر»، استفتح بذلك «وخطب وأبلغ وأبكى الناس، وكانت خطبته بخضوع وخشوع.

فلما فرغ من خطبته انصرف فى عساكره، وخلفه أولاده الأربعة بالجواشن (١) والخوذ على الخيل بأحسن زى، وساروا بين يديه بالفيلين. فلما حصل فى قصره أحضر الناس فأكلوا ونشطهم إلى الطعام، وعتب على من تأخر، وتهدّد من بلغه عنه صيام العيد».

وردّ إلى أبى سعيد عبد الله بن أبى ثوبان أحكام المغاربة ومظالمهم.

وتحاكم إليه جماعة من المصريين فحكم بينهم وسجّل، فكان شهود مصر يشهدون عنده ويشهدون على أحكامه، ولم ير هذا بمصر قبل ذلك؛ واستخلف [أبو سعيد] أحمد بن محمد الدوادى.

ومنع المعز من النداء بزيادة النيل، وألا يكتب بذلك إلا إليه وإلى جوهر، فلما تمّ أباح النداء [يعنى لما تم ست عشرة ذراعا] (٢).


(١) الجواشن: جمع جوشن وهو الدرع (محيط المحيط).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادات عن: المقريزى: الخطط، ج ١، ص ٩٧) حيث نقل هذه الحقيقة أيضا عن سيرة المعز لدين الله لابن زولاق، وعقب عليها بتفسير الحكمة فى هذا -