للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلع على جوهر خلعة مذهبة، وعمامة حمراء، وقلّده سيفا، وقاد بين يديه عشرين فرسا مسرجة ملجمة» وحمل بين يديه خمسين ألف دينار، ومائتى ألف درهم، وثمانين تختا من ثياب.

وركب المعز إلى المقس، وأشرف على أسطوله (١)، وقرأ عليه وعوّذه، وخلفه جوهر والقاضى النعمان ووجوه أهل البلد، ثم عاد إلى قصره.

وضربت أعناق جماعة عاثوا بنواحى القرافة.

وفى ذى القعدة احترق سوق القاهرة، وأعيد.

وركب المعز لكسر خليج (٢) القاهرة، فكسر بين يديه، وسار على شط النيل، ومرّ على سطح الحرف، وعطف على بركة الحبش (٣)، ثم على الصحراء إلى الخندق الذى حفره جوهر فى موكب عظيم، وخلفه وجوه أهل البلد، وأبو جعفر أحمد بن نصر يعرّفه بالمواضع، وبلغ المعز أن محمدا أخا أبى إسماعيل الرّسّى يريد الفرار إلى الشام، فقبض عليه وسجن مقيّدا.


= - الاجراء، فقال ما ملخصه: «فتأمل ما أبدع هذه الساسة، فان الناس دائما اذا توقف النيل فى أيام زيادته أو زاد قليلا يقلقون، ويحدثون أنفسهم بعدم طلوع النيل، فيقبضون أيديهم على الغلال، ويمتنعون عن بيعها رجاء ارتفاع السعر، ويجتهد من عنده مال فى خزن الغلة، إما لطلب السعر، أو لطلب ادخار قوت عياله، فيحدث بهذا الغلاء، فان زاد الماء انحل السعر، والا كان الجدب والقحط ففى كتمان الزيادة عن العامة أعظم فائدة وأجل عائدة».
(١) ذكر المقريزى فى (الخطط، ج ٣، ص ٣١٧) - نقلا عن ابن أبى طى - أن المعز هو الذى أنشأ دار الصناعة التى بالمقس، وانه انشأ بها ستمائة مركب «لم ير مثلها فى البحر على ميناء».
(٢) مما يستحق الالتفات أن هذا اول ركوب للمعز لكسر الخليج، وقد كان الفاطميون يحتفلون بهذا الركوب احتفالا خاصا رائعا بعد ذلك، انظر فى وصفه: (صبح الاعشى، ج ٣، ص ٥١٢ - ٥١٧).
(٣) كانت تقع هذه البركة جنوبى الفسطاط بين النيل والجبل، وذكر المقريزى عند كلامه عن البرك فى الجزء الثانى من الخطط أنها كانت تعرف ببركة المغافر، وبركة حمير، واصطبل قرة، واصطبل قامش، وبركة الاشراف، وبركة الحبش. وهو الاسم الذى اشتهرت به، وقال محمد رمزى فى تحقيقاته (النجوم، ج ٦، ص ٣٨٢): «وهذه البركة لم تكن عميقة فيها ماء راكد بالمعنى المفهوم الآن من لفظ بركة، وانما كانت تطلق على حوض من الاراضى الزراعية التى يغمرها ماء النيل وقت فيضانه سنويا بواسطة خليج بنى وائل الذى كان يأخذ ماءه من النيل جنوبى مصر القديمة، فكانت الارض وقت أن يغمرها الماء تشبه البرك، ولهذا سميت بركة، ويستفاد مما ذكره أبو صالح الارمنى فى كتاب الديارات أن هذه الجنان عرفت بالحبش لأنها كانت لطائفة من الرهبان الحبش».