ونظر الناس إليه وقبلوه والتمسوه، وطاف سنبر بالبيت.
وكان قلع الحجر من ركن البيت يوم الإثنين لأربع عشرة خلت من ذي القعدة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
وكان رده يوم الثلاثاء لعشر خلون من ذي الحجة يوم النحر سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. فكانت مدة كينونته عند الجنابي وأصحابه اثنين وعشرين سنة إلا أربعة أيام.
وكان في سنة ست عشرة وثلاثمائة قد تحركت القرامطة بسواد الكوفة عند انصراف أبي طاهر القرمطي عن بغداد إلى نحو الشام، وتداعوا إلى الاجتماع في دار هجرتهم فكثروا، وكبسوا نواحي الوسط، وقتلوا خلقا كثيرا، وملكوا ما حواه العسكر هناك من سلاح وغيره، فقوى أمرهم، وسار بهم عيسى بن موسى والحجازي وهما داعيان وكان الحجازي بالكوفة يبيع الخبز، فصحب يزيد النقاش، واجتمع عليهما غلمان، وساروا فنهبوا وأخافوا، والبلد ضعيف لاتصال الفتن وتخريب البوراني لسواده وضعف يد السلطان، وطالبوا جميع أهل السواد بالرحيل إليهم، فاجتمعوا نحو العشرة آلاف، وفرقوا العمال، ورحلوا إلى الكوفة فدخلوها عنوة، وهرب واليها، وولوا على خراجها وعلى حربها، وأحدثوا في الأذان ما لم يكن فيه، فأنفذ السلطان إليهم جيشا فواقعهم فانهزموا، وقتل منهم ما لا يحصى، وغرق منهم وهرب الباقون، وحملت الأسرى إلى بغداد فقتلوا وصلبوا، وحبس عيسى بن موسى مدة، ثم تخلص بغفلة السلطان وحدوث الفتن آخر أيام المقتدر، فأقام ببغداد يدعو الناس، ووضع كتبا نسبها إلى عبدان الداعي، نسبه فيها إلى الفلسفة، وأنه يعلم ما يكون قبل كونه، فصار له أتباع، وأفسد فسادا عظيما، وصار له خلفاء من بعده مدة.