للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«حملنا إلى مصر أكياسا فارغة - أنفق ما كان فيها - فى أربعة أعدال على جملين».

وكدّ يعقوب وعسلوج أنفسهما فى الاستخراج، فاستخرج فى يوم نيف وخمسون ألف دينار معزية، وكان استخراجا بغير براءة ولا خرج ولا حوالة؛ واستخرج فى يوم مائة وعشرون ألف دينار معزية، وفى يوم آخر من مال تنّيس ودمياط والأشمونين أكثر من مائتى ألف وعشرين ألف دينار، وهذا لم يسمع بمثله قط فى بلد، إلا أن فى أيام العزيز استخرج خير بن القاسم، وعلى بن عمر العدّاس، وعبد الله بن خلف المرصدى فى ثلاثة أيام مائتى ألف دينار وعشرين ألف دينار عزيزية، منها فى أول يوم أربعة وسبعين ألف دينار والباقى [فى] يومين، وذلك فى سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.

وفى شهر ربيع الآخر كثر الإرجاف بالقرامطة وانتشارهم فى أعمال الشام، وكان معهم عبد الله بن عبيد الله أخو أبى جعفر مسلم، فكتب إليه المعز بعد ما شكاه إلى أخيه مسلم.

وفيه دخل الناس إلى قصر المعز وفيهم: الأشراف، والعمال، والقواد، وسائر الأولياء من كتامة وغيرهم، فقال إنسان لبعض الأشراف: «اجلس يا شريف»، فقال بعض الكتاميين:

«وفى الدنيا شريف غير مولانا؟! لو ادعى هذا غيره قتلناه».

خرج الإذن للناس، وبلغ المعز هذا، فلما جلس على سريره وأذن للناس بالجلوس قال:

«يا معشر الأهل وبنى العم من ولد فاطمة: أنتم الأهل، وأنتم العدة، وما نرضى بما بلغنا من القول، وقد أخطأ من تكلم بما قيل لنا، لكم بحمد الله الشرف العالى، والرحم القريبة، ولئن عاود أحد لمثل ما بلغنا لننكلن به نكالا مشهورا».

فقبّلت الجماعة الأرض، ودعوا وشكروا، وكان المتكلم حاضرا فانقمع وندم.

وحدّث المعز أنه رأى فى منامه رسول الله كان جالسا وبين يديه سيوف منها ذو الفقار، فأخذ على بن أبى طالب ذا الفقار فضرب به عنق القرمطى الأعسم، وضرب حمزة عنق أخى الأعسم، وضرب جعفر عنق آخر؛ وانكبّ المعز يقبّل رجل النبى ، فنسخ الناس هذه الرؤيا.