للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحمل مال الأحباس من المودع (١) إلى بيت المال الذى لوجوه البرّ، وطولب أصحاب الأحباس بالشرائط ليحملوا عليها.

ولما وقف المعز على حبس عمرو بن العاص، وأن محمد بن أبى بكر كان قبضه وضرب عليه صافية لأمير المؤمنين على بن أبى طالب - أهل الحق -، وأن عمرو بن العاص إنما حبسه لما عاد إلى مصر فى أيام معاوية، أخرج ذلك - من كتاب أبى عمر الكندى (٢) - القاضى النعمان بن محمد، فحمله إلى المعز فقال: «هذا مال لنا، فليحمل إلينا مفردا من مال الأحباس»، ففعل ذلك.

وفى ربيع الآخر ثارت المغاربة فى صحراء المقابر، ونهبوا الناس، فأنكر المعز ذلك، وقبض على جماعة.

وفيه اعتلّ المعز واحتجب، فاضطربت الرعية، ولم يره أحد.

وفى جمادى الأولى أرجف بالقرامطة، وقوى الاستخراج، ومنع الناس من الحضور فى الديوان لئلا يقفوا على مبلغه؛ وجلس المعز للناس، فسرّوا بسلامته.

وحمل أبو جعفر مسلم إلى المعز المصحف الكبير الذى كان يذكر أنه كان ليحيى بن خالد ابن برمك، وكان شراؤه أربعمائة دينار على مسلم، فلما رآه المعز قال:

«أراك معجبا به، وهو يستحق الإعجاب، ولكن نفاخرك نحن أيضا».


(١) المودع: صندوق كان يعد لحفظ مال مخصص لجهة معينة أو لغرض معين، ويعهد بحفظه الى القاضى، وأول ما استعمل فى مصر الاسلامية لحفظ أموال اليتامى، وأول من استحدثه القاضى عبد الرحمن بن عبد الله العمرى (١٨٥ - ١٩٤)، وكان هذا المودع يسمى ايضا «تابوت القضاة». انظر (الكندى: القضاة، ص ٤٠٥) حيث يذكر أن العمرى: «أول من عمل تابوت القضاة الذى كان فى بيت المال .. أنفق عليه أربعة دنانير، كانت تجمع فيه أموال اليتامى ومال من لا وارث له، وكان مودع القضاة بمصر» وذكر المقريزى (الخطط، ج ٣، ص ١٤٩) أن «مودع الحكم الذى فيه أموال اليتامى والغياب» كان فى عهده فى فندق مسرور. انظر أيضا: (المقريزى: السلوك، ج ١، ص ٨٦٤) و (Dozy:Sup.Dict.Arab)
(٢) هو المؤرخ المصرى المعروف، ولعله يقصد هنا كتابه «الولاة والقضاة».