فدعا بمصحف نصفين ما رؤى أحسن منهما خطا وإذهابا وتجليدا، فقال:
«هذا خط المنصور، وإذهابه وتجليده بيده».
فقال له مسلم:
«فثمّ مصحف بخط مولانا المعز لدين الله ﵇؟».
فقال:«نعم».
وأخرج له نصفين.
فقال:«ما رأيت أصبح من هذا الخط».
فقال المعز:«بعد مشاهدتك لخط المنصور تقول: ما رأيت أصبح من هذا الخط، ولكنه أصبح من خطك».
ثم ضحك وقال:«أردت مداعبتك».
وكان أبو جعفر مسلم إذا ذكر المعز يقول:
«وددت أن أبى وجدي شاهداه ليفتخرا به، فما أقدر أن أقرن به أحدا من خلفاء بنى أمية ولا بنى العباس».
وتوفى محمد بن الحسن بن أبى الحسين - أحد خواص المعز -، فخرج المعز وهو فى بقايا علته، وتقدّم إلى القاضى النعمان بن محمد بغسله وبكفنه، وصلى عليه المغرب، وفتح تابوته وأضجعه.
وبعد تسعة عشر يوما توفى القاضى النعمان بن محمد أول رجب، فخرج المعز يبين الحزن عليه، وصلى عليه، وأضجعه فى التابوت، ودفن فى داره بالقاهرة.
وفى شعبان دخل أبو جعفر مسلم علي المعز، فلما توسّط صحن الإيوان قال له أخوه عيسى:
«إن الأمير عبد الله فى المجلس فسلّم عليه».
وكان فى المجلس جماعة، فدخل أبو جعفر على المعز وقبّل الأرض، وقام قائما، وقال:
«يا أمير المؤمنين: حدثنى أبى عن أبيه عن جده عن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد قال: «دخلت أنا وأخى عبد الله على يعقوب بن صالح بن المنصور - وهو يومئذ