للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريبة من قريته، (١) وكان قرمط من قرية تعرف (١) «بالدور (٢)» على نهر «هد (٢)» من رستاق (٣) «مهروسا» من طسّوج (٤) «فرات بادفلى (٢)».

وإنما قيل له قرمط لأنه كان قصيرا ورجلاه قصيرتين، وخطوه متقاربا، فسمى لذلك قرمطا.

فلما قال للحسين: «ما تريد فى القرية التى سألتنى عنها؟» قال له: «رفع إلى جراب فيه علم وسرّ من أسرار الله، وأمرت أن أشفى هذه القرية، وأغنى أهلها وأستنقذهم، وأملكهم أملاك أصحابهم».

وابتدأ يدعوه، فقال له حمدان قرمط:

«يا هذا: نشدتك الله، إلا رفعت إلىّ من هذا العلم الذى معك، وأنقذتنى ينقذك الله؟».

قال له: «لا يجوز ذلك أو آخذ عليك عهدا وميثاقا أخذه الله على النبيين والمرسلين، وألقى إليك ما ينفعك».

فما زال يضرع إليه حتى جلسا فى بعض الطريق، وأخذ عليه العهد، ثم قال له:

«ما اسمك؟».

قال له قرمط: «قم معى إلى منزلى حتى تجلس فيه، فإن لى إخوانا أصير بهم إليك لتأخذ عليهم العهد للمهدى».

فصار معه إلى منزله، وأخذ على الناس العهد، وأقام بمنزل حمدان قرمط، فأعجبه أمره، وعظّمه؛ وكان الحسين على غاية ما يكون من الخشوع صائما نهاره، قائما ليله، فكان المغبوط من أخذه إلى منزله ليلة؛ وكان يخيط لهم الثياب ويكتسب بذلك، فكانوا يتبركون به وبخياطته.


(١) هذه الجملة ساقطة من الأصل، وقد زيدت عن «ج».
(٢) لم أعثر فى المراجع الجغرافية التى بين يدى على تعريف لهذه المواقع.
(٣) الرستاق - والرسداق -، والجمع: رساتيق، عرفها (الجواليقى: المعرب، ص ١٥٨) بأنها أرض السواد والقرى، واللفظ معرب عن الفارسية. انظر أيضا: (شفاء الغليل، ص ١٠٧)
(٤) جاء فى (اللسان) أن الطسوج معرب، وهو الناحية، ثم قال: والطسوج واحد من من طساسيج السواد، والطسوج أيضا وزن من الاوزان.