للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصّار» كانوا من أصول هذه الدعوة، فأخذ عن عبدان، وقيل بل أخذ عن حمدان قرمط، وسار داعية، فنزل القطيف - وهى حينئذ مدينة عظيمة - فجلس بها يبيع الرقيق، فلزم الوفاء والصدق، وكان أول من أجابه الحسين بن سنبر، وعلى بن سنبر، وحمدان بن سنبر، فى قوم ضعفاء، ما بين قصّاب وحمّال وأمثال ذلك، فبلغه أن بناحيته داعيا يقال له أبو زكريا، أنفذه عبدان قبل أبى سعيد وكان قد أخذ على بنى سنبر من قبل، فعظم أمره على أبى سعيد (١) وقبض عليه (١) وقتله، فحقد عليه بنو سنبر قتله.

واتفق أن البلد كان واسعا، ولأهله عادة بالحروب، وهم رجال شداد جهّال، فظفر أبو سعيد باشتهار دعوته فى تلك الديار، فقاتل بمن أطاعه من عصاه، حتى اشتدّت شوكته.

وكان لا يظفر بقرية إلا قتل أهلها ونهبها، فهابه الناس، وأجابه كثير منهم، وفرّ منه خلق كثير إلى بلدان شتى خوفا من شرّه، ولم يمتنع عليه إلا هجر (٢) - وهى مدينة البحرين (٣) ومنزل سلطانها، وبها التجار والوجوه - فنازلها شهورا يقاتل أهلها، ثم وكل بها رجلا.

وارتفع فنزل الأحساء (٤) - وبينها وبين هجر ميلان - فابتنى بها دارا، وجعلها منزلا، وتقدم فى زراعة الأرض وعمارتها، وكان يركب إلى هجر، ويحارب أهلها، ويعقب قومه على حصارها.

ودعا العرب فأجابه بنو الأضبط من كلاب، وساروا إليه بحرمهم وأموالهم، فأنزلهم (٥) الأحساء، وأطمعوه فى بنى كلاب، وسائر من يقرب منه من العرب فضم إليهم رجالا، وساروا فأكثروا من القتل، وأقبلوا بالحريم والأموال والأمتعة إلى الأحساء، فدخل الناس فى طاعته، فوجّه جيشا إلى بنى عقيل فظفر بهم، ودخلوا فى طاعته.


(١) هذان اللفظان ساقطان من (ج).
(٢) لم يزد ياقوت فى تعريفه هجر عما جاء فى المتن هنا، فقد قال: «وهى قاعدة البحرين»، وانما ذكر أن هناك عدة مدن - غير هجر البحرين - تحمل نفس الاسم.
(٣) قال ياقوت: «البحرين اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان».
(٤) ذكر فى هامش ج أمام هذا اللفظ: «الأحساء مدينة على البحر الفارسى تقابل جزيرة أوال، والأحساء مدينة صغيرة بها أسواق»
(٥) الأصل: «فأنزلوه والتصحيح عن (ج)».