وانصرف عنهم إلى العراق، فأتبعوه برجل يقال إنه من بني سنبر، فسمه في لبن بموضع يقال له النصيرية على ميلين من البصرة فقام مائتي مجلس في ليلة ومات بموضعه، فغسل وكفن وأدخل البصرة، فصلى عليه ودفن بها إلى أن جاء حسن بن طاهر بن أحمد فحمله إلى المدينة.
وورد الخبر بذلك إلى المعز، فأخبر الناس بموته وموت المطيع، فإن ابنه سمه أيضا، كما سمت القرامطة عبد الله أخا مسلم.
وأما أخبار القرامطة ففي كتب المؤرخين من المشارقة المتعصبين على الدولة الفاطمية أن سبب انهزام الحسن بن أحمد القرمطي من عساكر المعز أن العرب لما أنكت بمسير سراياها أرض مصر رأى المعز أن يفل عساكر القرامطة وجموعهم بمخادعة حسان بن الجارح الطائي أمير العرب ببلاد الشام، وكان قدم مع القرمطي في جمع عظيم قوى به عسكر القرمطي؛ فبعث المعز إلى ابن الجارح وبذل له مائة ألف دينا على أن يفل عسكر القرمطي، فأجاب إلى ذلك، وأن المعز استكثر المال، فعمل دنانير من نحاس وطلاها بالذهب، وجعلها في أكياس، ووضع على رأس كل كيس منها دنانير يسيرة من الذهب ليغطي ما تحتها، وشدت الأكياس وحملت إلى ثقة من ثقات ابن الجراح بعد ما كانوا استوثقوا منه وعاهدوه أنه لا يغدر بهم، فلما وصل إليه المال تقدم إلى كبراء أصحابه بأن يتبعوه إذا تواقف العسكران وقامت الحرب، فلما اشتد القتال ولي ابن الجراح منهزما واتبعه أصحابه وكان في جمع كبير فلما رآه القرمطي وقد انهزم تحير، فكان جهده أن قاتل بمن معه حتى تخلص،