للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغدا فى خيل فضرب البر حتى عرف أن منتهى العين بساحل البحر، وأنها تنخفض كلما نزلت، فردّ جميع من كان معه، وانحدر على النهر نحوا من ميلين، ثم أمر بحفر نهر هناك، وأقبل يركب هو وجمعه فى كل يوم والعمال يعملون حتى (١) حفره إلى السباخ، ومضى الماء كله فصبّ فى البحر ثم سار فنزل على هجر - وقد انقطع الماء عنهم - ففر بعضهم فركب البحر، ودخل بعضهم فى دعوته، وخرجوا إليه فنقلهم إلى الأحساء، وبقيت طائفة لم يفرّوا لعجزهم، ولم يدخلوا فى دعوته فقتلهم، وأخذ ما فى المدينة، وأخربها فبقيت خرابا، وصارت مدينة البحرين هى الأحساء.

ثم أنفذ سريّة إلى عمان فى ستمائة، وأردفهم بستمائة أخرى، فقاتلهم أهل عمان حتى تفانوا، وبقى من أهل عمان خمسة نفر، ومن القرامطة ستة نفر، فلحقوا بأبى سعيد، فأمر بهم فقتلوا، وقال:

«هؤلاء خاسوا بعهدى ولم يواسوا أصحابهم الذين قتلوا».

وتطيّر بهلاك السريّة، وكفّ عن أهل عمان.

واتصل بالمعتضد بالله خبره، فخاف منه على البصرة، فأنفذ العباس بن عمرو الغنوى (٢) فى ألفى رجل، وولاّه البحرين، فخرج فى سنة تسع وثمانين ومائتين والتقى مع أبى سعيد، فانهزم أصحابه، وأسر العباس فى نحو من سبعمائة رجل من أصحابه، واحتووا على عسكره، وقتل من غده (٣) جميع الأسرى، ثم أحرقهم وترك العباس؛ ومضى المنهزمون فتاه أكثرهم فى البر، وتلف كثير منهم عطشا، وورد بعضهم إلى البصرة، فارتاع الناس وأخذوا فى الرحيل عن البصرة.

ثم لما كان بعد الوقعة بأيام أحضر أبو سعيد العباس بن عمرو وقال له.


(١) (ج): «فى حفره».
(٢) الغنوى، هكذا ضبطها (ابن الأثير: اللباب فى تهذيب الأنساب)، وقال: «هذه النسبة الى غنى بن أعصر - وقيل يعصر - واسمه منبه بن سعد بن قيس عيلان، ينسب اليه كثير .. الخ»
(٣) (ج): «من غد يومه».