ولنرجع إلى بقية أخبار المعز لدين الله أبي تميم معد الفاطمي باني القاهرة فنقول: لما انهزم الحسن بن أحمد القرمطي خرج في شعبان من سنة ثلاث وستين وثلاثمائة الأشراف والقاضي أبو طاهر، والفقهاء، والشهود، ووجوه التجار، وكثير من الرعية إلى المعسكر لتهنئة الأمير عبد الله بن المعز بالفتح، وكان معسكره بظاهر مشتول، فأكرمهم وأضافهم، وانصرفوا من الغد.
وللنصف من شعبان صرف المعز الحسن بن عبد الله عن الأحباس بمحمد بن أبي طاهر القاضي، ومحمد بن إقريطش ضمانا بألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم في كل سنة، تدفع إلى المستحقين حقوقهم، ويحمل الباقي إلى بيت المال.
وطيف بأربين رأساً جيء بها من الصعيد من أصحاب أخي مسلم.
وفي أول شهر رمضان دخل الأمير عبد الله بعساكره إلى القاهرة بعد فراغه من قتال القرامطة بالأسارى والرؤوس وهو بمظلته فجلس له أبوه المعز في القبة على باب قصره لينظره، فلما عاين الأمير عبد الله مجلس أبيه المعز ترجل وقبل الأرض، ونزل أهل العسكر كلهم بنزوله، ومشى إلى القصر والناس معه مشاة.
وورد الخبر بدخول أبي محمود إلى الرملة بغير قتال، وأنه استأمن إليه جماعة من عسكر القرامطة.
وفيه قبض المعز على جماعة من السعاة والعيارين الذين يؤذون الناس وسجنهم.
ووافى رسول ملك الروم برسالة، فاجتمع الناس للنظر إليه، وجلس له المعز على السرير الذهب، فدخل إليه، وقبل الأرض مراراً، وأذن له بالجلوس على وسادة، وكان علي بن الحسين قاضي أذنة حاضراً فقال: يا أمير المؤمنين صلى الله عليك، هذا وأشار إلى الرسول آفة على الإسلام، والمؤذي للمسلمين والأسارى.