قال مصنفه رحمة الله عليه: ليس الأمر كما قال ابن الأثير، فقد حكى الفقيه الفاضل المؤرخ أبو الحسن بن إبراهيم بن زولاق المصري في كتاب سيرة المعز وقد وقفت عليها بخطه رحمه الله أخبار المعز منذ دخل مصر إلى أن مات يوماً يوماً، وأن المعز إنما عهد لابنه يوم الخميس لأربع عشرة بقيت من شهر ربيع الآخر قبل موته بيومين؛ وذكر أن سبب العهد إليه اجتماع الناس بباب القصر وكثرة الرقاع، وأنه سئل فيمن ينظر في ذلك، فأمر ابنه نزار العزيز أن ينظر فيه فاستخلفه؛ وقد ذكرت ملخص هذه السيرة فيما مر من أخبار المعز؛ وأن ابن زولاق أعرف بأحوال مصر من ابن الأثير خصوصاً المعز، فإنه كان حاضراً ذلك ومشاهداً له، وممن يدخل إليه ويسلم مع الفقهاء عليه، ويروى في هذه السيرة أشياء بالمشاهدة، وأشياء مدته بها ثقات الدولة وأكابرها، كما هو مذكور فيها؛ إلا أن ابن الأثير تبع مؤرخي العراق والشام فيما نقلوه، وغير خاف على من تبحر في علم الأخبار كثرة تحاملهم على الخلفاء الفاطميين وشنيع قولهم فيهم، ومع ذلك فمعرفتهم بأحوال مصر قاصرة عن الرتبة العلية، فكثيراً ما رأيتهم يحكون في تواريخهم من أخبار مصر ما لا يرتضيه جهابذة العلماء، ويرده الحذاق العالمون بأخبار مصر؛ وأهل كل قطر أعرف بأخباره، ومؤرخو مصر أدرى بماجرياته، وفوق كل ذى علم عليم.
قال ابن الأثير: وكان المعز عالماً فاضلاً جوادا جارياً على منهاج أبيه، حسن السيرة وإنصاف الرعية، وستر ما يدعون إليه إلا عن الخاصة، ثم أظهره، وأمر الدعاة بإظهاره، إلا أنه لم يخرج فيه إلى حد يذم به.
وقال ابن سعيد في كتاب المغرب: إن جوهر القائد لما كان على عسقلان، وهجم عليه العدو، وأحرقوا خيمته وما قدروا عليه، وقاتل الناس إلى أن كشفوا العدو وعادوا إلى مكانهم، ترجل جوهر وقبل الأرض وقال: