للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت تحمل إليهم (١) فى كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، فلما صارت عساكر المعز إلى مصر مع جوهر، وزالت الدولة الاخشيدية انقطع المال عن القرامطة، فسارت … (٢) بعد أن بعثوا عرفاءهم لجمع العرب، فنزلوا الكوفة وراسلوا السلطان ببغداد، فأنفذ إليهم خزانة سلاح، وكتب لهم بأربعمائة ألف درهم على أبى تغلب بن ناصر الدولة بن حمدان، ورحلوا إلى الرحبة - وعليها أبو تغلب - فحمل إليهم العلوفة والمال الذى كتبا به لهم.

وجمع جعفر بن فلاح أصحابه واستعدّ لحربهم، فتفرّق الناس عنه إلى مواضعهم، ولم يفكروا بالموكلين على الطرق، وكان رئيس القرامطة الحسن بن أحمد بن أبى سعيد الجنابى، فبعث إليه أبو تغلب يقول:

«هذا شيء أردت أن أسير أنا فيه بنفسى وأنا مقيم فى هذا الموضع إلى أن يرد علىّ خبرك، فإن احتجت إلى مسيرى سرت إليك».

ونادى فى عسكره:

«من أراد المسير من الجند الإخشيدية وغيرهم إلى الشام مع الحسن بن أحمد فلا اعتراض لنا عليه؛ فقد أذنا له فى المسير، والعسكران واحد».

فخرج إلى عسكر القرمطى جماعة من عسكر أبى تغلب، وفيهم كثير من الإخشيدية الذين كانوا بمصر، صاروا إليه - لما دخل جوهر - من مصر وفلسطين؛ وكان سبب هذا الفعل من أبى تغلب أن جعفر بن فلاح كان قد أنفذ إليه من طبرية داعيا يقال له أبو طالب التنوخى - من أهل الرملة - يقول له: «إنى سائر إليك فنقيم الدعوة»، فقال له أبو تغلب - وكان بالموصل -:

«هذا ما لا يتم لأنا فى دهليز بغداد، والعساكر قريبة منا، ولكن إذا قربت عساكركم من هذه الديار أمكن ما ذكرتم».

فانصرف من عنده على غير شيء.

وبلغ ذلك القرمطى فسرّه وزاده قوة، وسار عن الرّحبة، فأشار أصحاب جعفر - لما قارب


(١) الأصل: «عليهم»، والتصحيح عن (ج).
(٢) مكان هذه النقط بياض بالنسختين