للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرامطة دمشق - أن يقاتلهم بطرف البرية، فخرج إليهم وواقعهم، فانهزم، وقتل لست خلون من ذى القعدة سنة ستين وثلاثمائة.

ونزل القرمطى ظاهر المزّة فجبى مالا، وسار يريد الرملة - وعليها سعادة ابن حيان - فالتجأ إلى يافا، ونزل عليه القرمطى، وقد اجتمعت إليه عرب الشام وأتباع من الجند، فناصبها القتال حتى أكل أهلها الميتة، وهلك أكثرهم جوعا [ثم سار عنها، وترك على حصارها ظالم العقيلى وأبا الهيجا (١) بن منجا] (٢)، وأقام القرامطة الدعوة للمطيع لله العباسى فى كل بلد فتحوه، وسوّدوا أعلامهم، ورجعوا عما كانوا يمخرقون به، وأظهروا أنهم كأمراء النواحى الذين من قبل الخليفة العباسى.

ونزل على مصر أول ربيع الأول سنة إحدى وستين وثلاثمائة، فقاتله جوهر على الخندق وهزمه، فرحل إلى الأحساء.

وأنفذ جوهر جيشا نحو يافا فملكوها، ورحل المحاصرون لها إلى دمشق، ونزلوا بظاهرها، فاختلف ظالم العقيلى وأبو الهيجا بسبب الخراج، فكان كل منهما يريد أخذه للنفقة فى رجاله، وكان أبو الهيجا أثيرا عند القرمطى يولج إليه أموره، ويستخلفه على تدبيره.

ورجع الحسن بن أحمد القرمطى من الأحساء فنزل الرملة ولقيه أبو الهيجا وظالم، وبلغه ما جرى بينهما من الاختلاف، فقبض على ظالم واعتقله مدة ثم خلّى عنه.

وطرح القرمطى مراكب فى البحر، وشحنها بالمقاتلة، وسيّرها إلى تنّيس وغيرها من سواحل


(١) ورد أمام هذا الاسم فى الهامش بالنسختين تعريف به، نصه:
«أبو الهيجا» هو عبد الله بن على بن المنجا، أحد أصحاب أبى على الحسين بن أحمد بن الحسين بن بهرام القرمطى المنعوت بالأعصم، وكان يرجع اليه لرأيه وسياسته، واستخلفه على دمشق حين رحل الى الأحساء بعد انهزامه من أبى محمود ابراهيم بن جعفر الكتامى، فقصده ظالم بن موهوب العقيلى من بعلبك بمراسلة، فاستأمن الى ظالم عدة من أصحاب أبى الهيجا لمنعه عنهم العطاء وقلة ماله، فأسره ظالم يوم السبت لعشر خلون من رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وجهزه أبو محمود هو وابنه فى قفصين الى مصر فحبسا بها».
(٢) هذه الجملة وردت فى نسخة الأصل بعد لفظى «الخليفة العباسى» أى بعد السطرين التاليين وهذا مكانها فى نسخة (ج) وهو أنسب للمعنى والسياق.