سام الكتب وقرأها في الجامع، ووعد الرعية بالإحسان، وبترك الخراج لهم إن منعوا أفتكين من دخول البلد فقصدت يد الرياشي نائب أفتكين عنه، لقوة قسام، وكثرة أصحابه، ودالتهم بأنهم قاتلوا جوهراً القائد ومنعوه من البلد، فأخذ الخفارة من القرى وأنفق سوق الرياشي، فتمكن وأمن، وكثر الطامع في البلد، فولى أفتكين رجلا يقال له تكين من الأتراك، فلم تنبسط يده لكثرة من غلب على دمشق من أهل الشر، فلما نزل أخوا بختيار دمشق قوى تكين، وأراد أن يقهر قساماً، فأوقع بطائفة من أصحابه بالغوطة، ثم اصطلحا.
وكان من مجيء القرامطة ما ذكر، فنزلوا على دمشق، فمنعهم قسام من البلد، وعمل على قتالهم، فصار له بذلك يد عند العزيز، فلما رحلوا إلى بلادهم، وتمكن ابن الجراح من فلسطين إلى طبرية، استولت فزارة ومرة على حوران والبثنية وخربتها حتى بطل الزرع منها، وجلا أهلها، فهلكوا من الضر، وصار كثير منهم إلى حمص وحماة وشيزر وأعمال حلب، فعمرت بهم البلاد.
ثم إن قساماً وقع بينه وبين حميدان العقيلي، فثار به ونهبه، ففر منه، وقوى قسام، وكثرت رجاله، وزاد ماله، فولى دمشق بعد حميدان أبو محمود في نفر يسير، فكان تحت يد قسام، لا أمر له ولا نهى.
واتفق في هذه السنة أن ولي دمشق ظالم بن موهوب العقيلي، والقرمطي، ووشاح، وحميدان، وأبو محمود.
وكانت واقعة فناخسرو مع بختيار بالعراق، فكان ممن انهزم أبو تغلب فضل الله بن ناصر الدولة ابن حمدان، فسارت خلفه عساكر فناخسرو، وكتب فيه إلى الأكراد والروم أن لا يجيره أحد، ففر أبو تغلب إلى آمد، وسار منها إلى الرحبة، وكتب إلى العزيز أن يقيم في عمله، وسار في البر إلى حوران، فنزل على دمشق، وكتب العزيز إلى قسام يمنعه من البلد، فمنعه، ثم أذن أن يتسوق أصحابه من المدينة.
وطمع أبو تغلب في ولاية دمشق من قبل العزيز، فخافه قسام، وأشير على العزيز في مصر