للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وورد كتاب الطائر إلى المعز من الأمير عبد الله ابنه بأنّ عبد الله أخا مسلم قد أخذ، فأرسل المعز إلى أخيه أبى جعفر مسلم يخبره، فخلع على البشير.

وكانت فى البرية سرية للمعز قد أخذوا الطريق على عبد الله أخى مسلم، فوقع فى أيديهم فى الليل رجل بدوى، فقال: «أنا عبد الله أخو مسلم» فجاء إلى الأمير عبد الله، فكتب إلى الطائر يأخذ عبد الله، فلما جئ بالبدوى من الغد إلى الأمير عبد الله وهو فى معسكره - وكان فى مجلسه عبد الله بن الشويخ - فقال للأمير عبد الله:

«ما هذا عمى عبد الله».

فبطل القول.

وكان خبر هذا البدوى أنه كان معه عبد الله أخى مسلم بالصعيد، وعبر معه يريد الشام، فأراد أن يسقى دوابه، فقال له البدوى:

«ما نأمن أن يكون على الماء طلب، فدعنى أتقدمك، فإن لم أجد أحدا جئتك، وإن أبطأت عليك فاعلم أنى أخذت».

فلما وافى البدوى البئر أخذ فقال لهم: «أنا عبد الله أخو مسلم» ليشغلهم عن طلبه، فلما أبطأ البدوى على عبد الله علم أن الطلب قد أخذوه، فكرّ راجعا وعاد إلى الجانب الغربى، وركب البحر إلى عينونا، ومضى إلى الحجاز.

وكان هاروق على عسكر للمعز، فرأى أصحابه عبد الله، فأفلت منهم على فرس دهماء عربية بعد ما حط قبته وقطعها بسيفه، فظفر هاروق بنوقه، ووصل عبد الله إلى المدينة النبوية، وجلس يتحدث فى المسجد، فقبل له:

«إن الكتب قد سبقتك، وبذلك فيك مال عظيم».

فنهض لوقته، وتوجه إلى الأحساء، فاستنهض القرامطة، فلم يكن فيهم نهضة، فوبخهم لما رأى من عجزهم، وقال:

«أرونى ما عندكم من القوة التى تقاومون بها صاحب مصر».

فأوقفوه على ما عندهم من المال والسلاح والكراع، فاستقلّه وقال: