للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا قد أحاطوا به من كل جانب، فخشى على نفسه وانهزم، واتبعوه ودخلوا عسكره، فظفروا منه بنحو من (ص ٣٥ ا) ألف وخمسمائة رجل، فأخذوهم أسرى، وانتهبوا العسكر.

ولما كان لخمس بقين من شعبان أنفذ المعز أبا محمود إبراهيم بن جعفر إلى الشام خلف القرمطى فى عسكر يقال مبلغه عشرون ألفا، فظفر فى طريقه بجماعة من أصحاب القرمطى، فبعث بهم إلى مصر.

وسار الحسن بن أحمد القرمطى فنزل أذرعات، وأنفذ أبا الهيجا فى طائفة إلى دمشق.

وبعث المعز إلى ظالم بن موهوب العقيلى (١) لما بلغه ما وقع بينه وبين القرمطى، فاستماله ليكون عونا على القرمطى، فسار يريد بعلبك، فوافاه الخبر بهزيمة القرمطى ونزول أبى الهيجا دمشق، فسار القرمطى ودخل البرية يريد بلده وفى نيته العود.

وكان للحسن بن أحمد القرمطى هذا شعر، فمنه فى أصحاب المعز لدين الله:

زعمت رجال الغرب أنّى هبتها … فدمى إذا ما بينهم مطلول

يا مصر إن لم أسق أرضك من دم … يروى ثراك، فلا سقاك النيل

ولما كان فى سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ورد إسحاق وجعفر الهجريان من القرامطة فملكا الكوفة، وخطبا لشرف الدولة، فانزعج الناس لذلك لما فى النفوس من هيبتهم وبأسهم، وكان من الهيبة ما أنّ عضد الدولة بن بويه وبختيار أقطعاهم الكثير، وكان لهم ببغداد نائب يعرف بأبى بكر بن ساهويه يتحكّم تحكم الوزراء، فقبض عليه صمصام الدولة بن عضد الدولة، فلما ورد القرامطة الكوفة كتب إليهما صمصام الدولة يتلطفهما ويسألهما عن سبب حركتهما،


(١) توجد بهامش الأصل أمام هذا اللفظ اضافة نصها:
«بخطه: فبعث عضد الدولة فناخسرو الديلمى من العراق عسكرا الى الأحساء، وبها يومئذ أبو يعقوب بن أبى سعيد الجنابى، عم الحسن بن أحمد الأعصم، ففر أبو يعقوب، وأخذ العسكر ما كان فى الأحساء، فقدم الاعصم منهزما من الشام فيمن بقى معه، فانضم اليه عمه، وسار وأوقع بالعسكر، واستباحه قتلا ونهبا، فقويت نفسه، وكاتب العرب فأتوه، وبعث رسولا الى المعز يطلب الموادعة».