ودخل ملك الروم إلى حمص فلم يعرض لأحد، ورحل يريد طرابلس، وسير يريد مالا من حمص، فامتنع أهلها، فرجع ونهب، وسبا، وأحرق الجامع وغيره، فاحترق كثير من الناس، وذلك في تاسع عشر جمادى الأولى، وهي دخلة الروم الثانية حمص.
ويقال أن أبا المعالي بن حمدان لخوفه من بكجور سير إلى برديس ملك الروم أن يخرب حمص، وفارق أصحاب بلتكين بكجور، وصاروا إلى دمشق، فبعث بكجور إلى العزيز يسأله ولاية دمشق، فورد جوابه: إنا قد وليناك، فبعث إلى بعلبك واليا، وإلى بعلبك غلامه وصيف، فأبى عليه بلتكين، لكتاب ورد عليه من الوزير يعقوب بن كلس، فتحير بكجور، وما زال بشارة والي طبرية يتوسط لبكجور في ولاية دمشق حتى أمسك عنه الوزير، فسار إلى القابون، ثم تسلم البلد بعد أمور.
ورحل بلتكين أول رجب وفي نفسه حقد على الوزير يعقوب بن كلس لمعارضته له في ولاية دمشق، فعمل على كاتبه ابن أبي اليهودي حتى قتله بعض الأحداث الذين كانوا مع قسام في غيبته عن دمشق ببلاد حوران، فعظم ذلك على الوزير، وأخذ بكجور في ظلم الناس، وجمع الأموال، ومخالفة ما يأمر به من مصر، وبعث غلامه وصيف فأخذ الرقة في سنة ست وسبعين، فعصى عليه بها.
وأخذ الوزير في قتل بكجور فبعث إلى دمشق فهموا به، فلم يتم لهم، وظفر بهم بكجور، وقبض على من أراد ذلك، وقتلهم في شهر رمضان سنة سبع وسبعين، فازداد حنق الوزير، وعلم بكجور بما دبره الوزير، فأخذ يعارضه في ضياعه، ويهين عماله، وتحزق بابن أبي العود الصغير، وكان قد ولى بعد قتل أخيه.
واشتد جور بكجور وكثر قتله وصلبه للناس والبناء عليهم، وكثرت مخالفته لما يرد عليه من العزيز، فخرج إليه منير الخادم من مصر في سنة ثمان وسبعين بعسكر كبير، وكتب إلى أهل الأعمال بالمسير معه إلى دمشق لحرب ابن الجراح، فنزل الرملة وقد اختلف بكجور مع بشارة والي طبرية، وأنزل ابن الجراح السواد وأطمعه في ضياع الوزير، وجعله ضد البشارة، وكاشف بالعصيان