للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجمع منير العرب من قيس وعقيل وفزارة، وسار إلى عمّان، فسار إليه منير، وصاروا جميعا إلى عمل دمشق، فجمع بكجور بنى كلاب، وبعث منير سريّة إلى ابن الجرّاح وهو فى طرف عمل دمشق، فأوقعوا بقومه، وغنموهم، فانهزم.

وكتب منير إلى بكجور:

«إنا لم نجئ لقتالك، وإنما جئنا لنخرج ابن الجرّاح من العمل، لأنه أفسد وعصى، فتكون معينا لنا فى هذا الأمر، لنسير إلى حلب وأنطاكية».

فعلم أنّ هذا خداع، وقد اشتدّ خوفه وقلقه من أهل البلد لكثرة إساءته لهم، وجوره وتعديه لئلا يثوروا به، فجمع عسكره وبعثهم إلى قتال منير، وأقام بالبلد، فكانت بينهم وقعة انهزموا فيها، فخاف وبعث إلى منير: «أنى أسلّم البلد وأرحل عنه»، فأجيب إلى ذلك.

ورحل للنصف من رجب ومعه ابن الجرّاح يريد الرّقّة، وتسلّم منير دمشق، وسيّر إلى مصر بذلك، وبثلاثمائة من أصحاب بكجور استأمنوا، فبعث العزيز إلى بكجور على لسان الوزير يقول:

«ما أردنا أن تبرح عن البلد، وإنما بعثنا إلى ابن الجرّاح من يخرجه عن العمل لما أفسد فيه، وما كان لك من الغلات والضياع فهو على رسمه، أفعل فيه ما أحببت، فما لنا فيه من حاجة».

فأقام بكجور على ما كان له بدمشق من الضياع والأهراء من يتولّى أمرها، وبقى بالرقّة يقيم الدعوة للعزيز ويراسله، ويراسل كرديّا قد غلب على ميّافارقين يقال له «باد»، ويكاتب أبا المعالى سعد الدولة، واسمه شريف بن سيف الدولة على بن حمدان بحلب أن يرده إلى حمص، فولاّه حمص، فبعث من يتسلمها، فقلق لذلك الوزير يعقوب بن كلّس، فبعث إلى ناصح الطبّاخ وهو بعمّان أن يسير إلى حمص ويأخذ من بها من أصحاب بكجور، فأسرى إليها وقد حذروا منه، وخرجوا قادمين بأموالهم، فأخذهم وسار إلى دمشق، فبعث بكجور إلى صاحب بغداد فلم ير منه ما يحب، ووقع بينه وبين أبى المعالى.