«سوء الاجترام، أوقع بكم حلول الانتقام، وكفر الإنعام، أخرجكم من حفظ الذمام، فاللازم فيكم ترك الإنجاب (؟) واللازم لكم ملازمة الاجتناب، لأنكم بدأتم فأسأتم، وعدتم فتعد يتم، فابتداؤكم ملوم، وعودكم مذموم، وليس بينهما فرجة تقتضى إلا التبرم بكم، والإعراض عنكم، ليرى أمير المؤمنين صلوات الله عليه رأيه فيكم».
وحملت أسمطة عيد النحر على العادة، وصلّى العزيز بالناس صلاة العيد، وخطب، ثم نحر بالقصر ثلاثة أيام، وفرّق الضحايا.
وفى غد يوم النحر وصل منير الخادم من دمشق، فشهّر على جمل بطرطور طويل، فخرجت الكافة للنظر إليه، ومعه سبعمائة رأس على رماح فطيف به، ثم خلع عليه وعفى عنه.
وعمل عيد الغدير (١) على رسمه.
وضرب رجل وطيف به المدينة، من أجل أنه وجد عنده موطّأ مالك ﵁.
وفى تاسع عشره جلس علىّ بن عمر العدّاس بالقصر، فأمر ونهى، ونظر فى الأموال، ورتّب العمال، وتقدم أن لا يطلق لأحد شيء إلا بتوقيعه، ولا ينفذ إلا ما قدّره وأمر به ألا يرتفق ولا يرتزق ولا تقبل هدية ولا يضيع دينار ولا درهم.
وفيها كان بدمشق زلزلة عظيمة سقط منها ألف دار، وهلك خلق كثير، وخسف بقرية من قرى بعلبك، وخرج الناس إلى الصحارى؛ وكان ابتداؤها فى ليلة السبت سابع عشر المحرم، وخرج الناس إلى الصحراء؛ ولم تزل الزلازل تتابع إلى يوم الجمعة سابع عشر صفر بلاء.
(١) المقصود بالغدير «غدير خم» وخم موضع بين مكة والمدينة به غدير أو بطيحة وحوله شجر كثير، ويقال ان الرسول ﵇ لما عاد من مكة بعد حجة الوداع سنة ١٠ هـ نزل بغدير خم وآخى على بن أبى طالب ثم قال: «على منى كهارون من موسى، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله»، «ويعلق الشيعة على هذا الحديث أهمية كبرى، اذ يعتبرونه بمثابة مبايعة علنية من الرسول قبيل وفاته لعلى بن أبى طالب. انظر: (دنلدسن: عقيدة الشيعة، الترجمة العربية، ص ٢٣ - ٢٦)، ويذكر (المقريزى: الخطط، ج ٢ ص ٢٢٢ - ٢٢٣) أن هذا العيد لم يكن «مشروعا ولا عمله أحد من سالف الامة المقتدى بهم، وأول ما عرف فى الاسلام بالعراق أيام معز الدولة ابن بويه، فانه أحدثه فى سنة ٣٥٢، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا .. وهو أبدا الثامن عشر من ذى الحجة»، وفى خطط المقريزى تفاصيل ممتعة عن مراسم الاحتفال بهذا العيد فى مصر فى العصر الفاطمى. انظر أيضا: (معجم البلدان لياقوت).