للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يبقى بعد هذا إلاّ أن أشير إلى طريقة التحقيق والتّعليق، فقد اتبعت فى هذا أسلوب محاولة إبراز المتن فى صورته السليمة الواضحة التى أرادها له مؤلفه، جاعلا نصب عينى العمل على توضيح ما يحتاج إلى توضيح، وتصحيح ما يبدو أن المؤلف، أو النّاسخ، سها عنه بمعاونة المراجع المختلفة التى تعالج نفس المرحلة التاريخية التى يشملها هذا الكتاب. أمّا ما ورد فى المتن من أخبار أعلام السياسة والحرب، والعلم والأدب، فقد نال نصيبه - قدر الطاقة - من التعليقات التى تعرّف به وتشير إلى المصادر التى قد يحتاج إليها فى طلب المزيد من التعريف. ومثل هذا حدث فى الألفاظ الاصطلاحية التى يحتاج القارئ إلى فهم مدلولاتها، وللأماكن التى جرت بها الأحداث وتردّد ذكرها فى هذا الكتاب. وقد جرى ذلك كله فى قصد ودون تفريط.

وهنا أودّ أن يتكرّم القارئ فيلحظ فى التعريف بالأماكن خاصة أننى لجأت إلى أسلوب العصر الذى يتناوله الكتاب بالحديث المفصّل حتى تتلاءم التعليقات الموضّحة مع الأحداث فى عصرها الذى ظهرت فيه. ولهذا نجد فى التعريف بمدينة سرت، على سبيل المثال، أنها تقع على عشر «مراحل» من طرابلس وعلى ستّ «مراحل» من أجدابية، وفى التّعريف بمدينة سنجار أنها تبعد عن الموصل ثلاثة «أيام».

وقد أدرك القلقشندى - من كتاب الانشاء وأساتذة إدارة الأعمال - كما أدرك غيره من علماء الجغرافيا المسلمين أهمية تقدير المسافات بين البلدان بهذا الأسلوب فى عصورهم - لشدة حاجة الناس، على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم ووظائفهم، إلى هذا النوع من التقدير. والقلقشندى الذى أراد لكتابه أن يكون وثيقة علمية فى أيدى كتاب الإنشاء وموظّفى الدّواوين يلاحظ على كتاب «التعريف بالمصطلح الشريف» أن مؤلّفه أحمد بن فضل الله العدوى العمرى «قد أهمل من مقاصد المصطلح أمورا لا يسوغ تركها، ولا ينجبر بالفدية لدى الفوات نسكها، كالبطائق والملطّفات والمطلقات … فلم يقع الغنى به عمّا سواه». ولهذا فصّل هو الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>