للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقامت البلد بعد موته تسع عشرة ليلة بغير قاض.

وفى ثالث عشر منه استدعى برجوان أبا عبد الله الحسين بن على، ابن النعمان، إلى حضرة الحاكم بأمر الله، وأضعف له أرزاق عمّه وصلاته وإقطاعاته، وقال له: قد أرحت عليك، فلا توجد لى سبيلا إليك بتعرّضك لدرهم من أموال المسلمين فقد أغنيتك عنها. ثم خلع عليه ثيابا بيضا ورداء محشّى مذهبا وعمامة مذهبة، وقلّده صيفا وحمله على بغلة، وقاد بين يديه بغلتين بسروجهما ولجمهما، وحمل معه ثيابا كثيرة صحاحا؛ وردّ إليه القضاء بمصر وأعمالها؛ ولم يظنّ ذلك أحد لضعف حاله - وكان الناس يتخيلون ولاية عبد العزيز بن محمد بن النعمان بعد أبيه لأنه كان يخلف أباه - فنزل إلى الجامع العتيق، وقرئ سجلّه على منبره. فنظر بين الناس، وأوقف شهادة جماعة من الشهود، وندب أربعة لكشف أحوال الشهود؛ وألزم ولاة أمور الأيتام برفع حسابهم. وطالب عبد العزيز بن النعمان بما على أبيه من أموال الأيتام. وجعل موضعا بزقاق القناديل يكون مودعا لأموال الأيتام؛ وجعل خمسة من الشهود يضبطون ما يرد إليه وما يخرج منه بحجج يكتب فيها خطوطهم؛ فاستحسن ذلك من فعله. وهو أول من اتخذ مودعا للأيتام من القضاة.

واستخلف بمصر أبا عبد الله الحسين بن محمد بن طاهر، وبالقاهرة أبا الحسن مالك ابن سعيد الفارقى؛ وعلى العرض والنظر بين المتحاكمين، إذا غاب، الحسن بن طاهر وأبا العبّاس أحمد بن محمد بن عبيد الله بن العوام. واستكتب أبا طاهر زيد بن أحمد بن السندى وأبا القاسم علىّ بن عبد الرزاق؛ وجعل إلى أخيه أبى النعمان المنذر بن على النظر فى العيار (١) ودار الضرب (٢). واستخلف على الإسكندرية وأعمالها.


(١) هى المؤسسة المختصة بمعايرة الموازين والمكاييل وضبطها، ومن حضر من الرعية إلى المستخدمين بها ورغب فى ابتياع شيء منها باعوه. وإذا وجدوا سنجة زائدة أو ناقصة استهلكوها. قوانين الدواوين: ٣٣٣ - ٣٣٤؛ الخطط: ٤٦٣:١.
(٢) فيها يسبك ما يحمل إليها من الذهب المختلف حتى يصير ماء واحدا جاريا، يقلب قضبانا تقطع من أطرافها بمباشرة النائب فى الحكم (المدير المسئول) وتصير سبيكة واحدة، ثم يؤخذ من جملتها أربعة مثاقيل، ويضاف إليها من الذهب الحار -