وكلما رمى الرمح لينحر به قبله قبل أن ينحر به؛ فعل ذلك ثمانية أيام، فعبث إليه الحاكم ثياباً جليلة وجواهر ثمينة، وحمله على فرس بسرج مرصع بالجوهر.
وواصل الحاكم الركوب إلى الصحراء بحذاء في رجله، وعلى رأسه فوطة. وكان يركب كل ليلة بعد المغرب. ووقف إليه خراساني يذكر أنه أخذ منه متاع برسم الخزانة ولم يدفع إليه ثمنه، فدفع إليه جميع ما كان له وهو نحو خمسة آلاف دينار، فشق به البلد، وكثر الدعاء للحاكم. وحمل إلى عبد الرحيم عشرة ألاف دينار في أكياس مكتوب عليها: لابن عمنا وأعز الخلق علينا عبد الرحيم بن إلياس بن أحمد بن المهدي بالله، سلمه الله وبلغنا فيه ما نؤمله.
وبعث إلى ملك الروم هدية مبلغ سبعة آلاف دينار.
وفيها وصلت هدية الحاكم إلى نصير الدولة أبي مناد مع عبد العزيز بن أبي كدينة لثلاث عشرة خلت من المحرم، ومعه سجل بإضافة برقة وأعمالها إليه؛ فخرج إلى لقائه ومعه القضاة والأعيان، فكان يوماً مشهودا.
وفي أواخر رجب فلج أبو الفتوح يوسف بن عبد الله بن أبي الحسين أمير صقلية، فتعطل جانبه الأيسر، فقام بالأمر ابنه أبو محمد جعفر بن يوسف وكان بيده سجل الحاكم بولايته بعد أبيه؛ ثم وصل إليه سجل لقب فيه تاج الدولة وسيف الملك. ثم أنفذ إليه تشريف، وعقد له لواء، وزيد في لقبه الملك.
وفي ذي القعدة مات مفرج بن دغفل بن الجراح برملة لد، من فلسطين.