وابتدره قوم، وقد اعدوا له السكاكين والخناجر، فقتل مكانه، وحزّت رأسه وطرح عليه حائط (١).
وسبب ذلك أن برجوان لما بلغ النهاية قصر فى الخدمة، واستقلّ بلذّاته وأقبل على سماع الغناء؛ وكان كثير الطرب شديد الشغف به، فكان يجمع المغنّين من الرجال والنّساء بداره فيكون معهم كأحدهم، ولا يخرج من داره حتى يمضى صدر من النهار ويتكامل الناس على بابه، فيركب إلى القصر، ولا يمضى إلا ما يختار من غير مشاورة؛ فلما استبد بالأمر تجرّد الحاكم للنظر.
وكان برجوان من استبداده يكثر من الدّالّة على الحاكم، فحقد عليه أمورا، منها أنه قال بعد قتله إنه كان سيّئ الأدب جدا، والله إنّي لأذكر وقد استدعيته يوما ونحن ركبان فصار إلىّ ورجله على عنق دابّته وبطن خفّه قبالة وجهى، فشاغلته بالحديث ولم أره فكرة فى ذلك. وغير ذلك مما يطول شرحه.
وأنهد الحاكم بعد قتل برجوان فأحضر كاتبه فهد بن ابراهيم فى الليل وأمّنه، وقال:
أنت كاتبى وصاحبك عبدى، وهو كان الواسطة بينى وبينك؛ وجرت منه أشياء أنكرتها عليه فجازيته عليها بما استوجبه؛ فكن أنت على رسمك فى كتابتك آمنا على نفسك ومالك.
فكانت مدة نظر برجوان سنتين وثمانية أشهر غير يوم واحد. وبرجوان بفتح الباء الموحّدة وسكون الراء وفتح الجيم والواو وبعد الألف نون.
(١) يذكر النويرى صاحب نهاية الأرب أن زيدان الصقلى، خادم الحاكم بأمر الله، دس له عند الحاكم وكان من جملة ما قاله له: «إن هذا يقصد أن يفعل بك كما فعل كافور الاخشيذى فى أولاد سيده». ويضيف النويرى أنه كان فى جملة ما وجد لبرجوان بعد مصرعه ألف سروال دبيقى بألف تكة حرير، وعلق على ذلك بقوله: «وناهيك بموجود يكون هذا من جملته. والبستان المذكور الذى قتل فيه برجوان هو بستان اللؤلؤة وبه قصر اللؤلؤة من مبانى الفاطميين ويطل على الخليج ويشرف من شرقيه على البستان الكافورى ومن غربه على الخليج. الخطط: ٤٦٧:١، ٤٨٧، ٤٢٧:٢.