للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمير المؤمنين قبّل الأرض. ثم سار من القصر إلى الجامع العتيق، وكلما مرّ بباب من أبواب القصر نزل عن بغلته وقبّل الباب. فلما وصل إلى الجامع وقف خلف المنبر قائما حتى انتهت قراءة السجلّ، وقبّل الأرض كلما ذكر أمير المؤمنين. ثم عاد إلى داره بالقاهرة وتسلم كتب الدّعوة التى تقرأ بالقصر على الأولياء (١).

وفى يوم الجمعة سابع شعبان اجتمع أهل الدولة فى القصر بعد ما طلبوا لذلك، وأمروا ألا يقام لأحد، فخرج خادم وأسرّ إلى صاحب السّتر كلاما، فصاح: صالح بن علىّ؛ فقام صالح بن علىّ الرّوزبارى، فأخذ بيده ولا يعلم أحد ما يراد به. فأدخل إلى بيت المال، ثم خرج وعليه درّاعة مصمتة وعمامة مذهبة، ومعه مسعود صاحب الستر، فجلس بحضرة قائد القواد، وأخرج سجلاّ قرأه ابن عبد السميع، فإذا فيه ردّ سائر الأمور التى ينظر فيها قائد القوّاد حسين بن جوهر إليه. فعند ما سمع فى السجل صالح ذكره قام وقبّل الأرض. ولما انتهى ابن عبد السميع من القراءة قام قائد القواد وقبل خدّ صالح وهنأه وانصرف. فخرج صالح وبين يديه عدة أسفاط وثلاث بغلات بسروجها ولجمها. قال المسبّحى: قال لى الحاكم بأمر الله، أحضرت ابن سورين وحلفته على الإنجيل أن يكتب سجلّ صالح بن علىّ ولا يطلع عليه أحدا من ابن جوهر ولا غيره، وقلت له إنك تعرف ما أجازى به من يخالف أمرى فكن منه على يقين. فو الله ما اطلع عليه أحد غيرى وغيره، حتى كان.

وجلس صالح فى مجلس قائد القواد من القصر، ووقّع عن الحاكم: ورفع إليه الأولياء وسائر المتصرّفين قصصهم وأحوالهم؛ ونفّذ أوامر الحاكم، وطالعه بما تجب مطالعته به. وقلّد ديوان الشام، الذى كان يتولاه، لأبى عبد الله الموصلى الكاتب. وخلع على الشريف


(١) راجع: الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية، للتعرف على طبيعة هذه الدعوة ورسومها ومجالسها وكذلك: الخطط للمقريزى، الذى يفصل الحديث عنها ويطيله.