للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة بتجمّل عظيم كما يخرج المسلمون إلى الحج، فسأل الحاكم ختكين الضّيف العضدى (١)، أحد قوّاده، عن ذلك لمعرفته بأمر قمامة، فقال هذه بيعة تعظمها النصارى ويحجّ إليها من جميع البلاد، وتأتيها الملوك، وتحمل إليها الأموال العظيمة، والثياب والسّنتور والفرش والقناديل، والصلبان المصوغة من الذهب والفضة، والأوانى من ذلك؛ وبها من ذلك شيء عظيم. فإذا كان يوم الفصح واجتمع النصارى بقمامة، ونصبت الصّلبان، وعلّقت القناديل فى المذبح، تحيّلوا فى إيصال النّار إليه بدهن البيلسان مع دهن الزئبق، فيحدث له ضياء ساطع يظن من يراه أنها نار نزلت من السماء. فأنكر الحاكم ذلك، وتقدّم إلى بشر بن سورين كاتب الإنشاء، فكتب إلى أحمد بن يعقوب الدّاعى أن يقصد القدس ويهدم قمامة وينهبها الناس حتى يعفى أثرها. ففعل ذلك. ثم أمر بهدم ما فى أعمال مملكته من البيع والكنائس، فخوّف أن تهدم النصارى ما فى بلادها من مساجد المسلمين فأمسك عن ذلك (٢).


(١) وكان قد عزل عن دمشق سنة ٣٩٦ بعد أن فشل فى تنفيذ سياسة توفير الأموال بإنقاص مرتبات الأجناد. انظر ذيل تاريخ دمشق: ٥٧ - ٥٨.
(٢) جاء فى نهاية الأرب: «وفيها فى تاسع عشر ذى الحجة أمر الحاكم بهدم كنائس القنطرة التى فى طريق المكس وكنائس حارة الروم، فهدم جميع ذلك».