للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنع كلّ أحد من الناس أن يخرج من منزله قبل صلاة الصبح وبعد صلاة العشاء (١)، واشتد الأمر فى هذا، واعتقل جماعة خالفوا ما أمر به.

وقرئ سجل بترك الخوض فيما لا يعنى، والاشتغال بالصّلوات فى أوقاتها، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وألا يخوض أحد فى أحوال السلطان وأوامره وأسرار الملك.

وقرئ سجل فى ربيع الأول بالمنع من حمل النبيذ والموز، وحذّر من التظاهر بشئ منه أو من الفقاع، والدّلينس، والسمك الذى لا قشر له، والتّرمس المعفّن.

وقرئ آخر فى سائر الجوامع بتسكين قلوب الناس وتطمينهم، لكثرة ما اشتهر عندهم وداخلهم من الخوف بما يجرى من أوامر الحضرة فى البلد.

وفى حادى عشر جمادى الآخرة قبض على عبد العزيز بن النعمان؛ وطلب حسين بن جوهر ففرّ هو وابناه وجماعة. وكثر الصّياح فى دار عبد العزيز؛ وغلّقت حوانيت القاهرة وأسواقها. فأفرج عن عبد العزيز ونودى فى القاهرة بألا يغلق أحد. ثم ردّ حسين بعد ثلاثة أيام بابنيه، وصاروا إلى الحاكم فأمرهم بالانصراف إلى دورهم؛ وخلع عليه وعلى عبد العزيز وعلى أولادهما، وكتب لهما أمانان.

وفى رجب كثرت الأمراض فى الناس، وفشا الموت. وتخوّف الناس من الحاكم فكتب عدة أمانات لأناس شتى. وأقطع مالك بن سعيد ناحية برنشت (٢).


(١) ما أشبه هذا بما يحدث فى أيامنا هذه حين يصدر قرار بمنع التجول فى الدول العصرية فى أوقات الفتن. وقد سبق إلى مثل هذه الخطوة زياد بن أبيه، ابن أبى سفيان، فى العراق، إذ قال فى خطبته البتراء: «فإياى ودلج الليل فإنى لا أوتى بمدلج إلا سفكت دمه … » وقد أتى برجل ظهر أنه خالف قرار منع التجول، فاعتذر بأنه لم يعلم به لتغيبه بالصحراء فى طلب ناقة له ضلت، فقال زياد: «والله إلى لا أظنك إلا صادقا ولكن فى قتلك صلاحا للأمة». وأمر بقتله.
(٢) برنشت بفتح الباء والنون، من أعمال الجيزية. قوانين الدواوين: ١١٧.