وفي ثاني عشريه ورد الخبر بأن الدزبري غلب عن مقاومة حسان، ففر من الرملة آخر الليل في عشرة من الغلمان الأتراك، وسار في ليلته إلى قيسارية. وذلك أن حسانا هجم برجاله على بعض حوانيت الرملة، وطرح النار ووضع السيف، ثم دخل بجموعه، بعد فرار الدزبري، إلى المدينة، فنهبوا الأموال، واستباحوا الحرم، وقتلوا القتل الذريع. وعندما دخل حسان إلى المدينة ترجل من باب البلد وقبل التراب من باب المدينة إلى دار الإمارة؛ ثم أحضر القاضي وشيوخ فلسطين وأشهدهم أنه عبد الدولة وخادمها وصنيعتها، وداخل تحت طاعتها، وأنه لا يبدأ أحداً من أهل البلد بسوء، وإنما كره مقام الدزبري في الرملة، وذكر سوء ما عامله به وأن ذلك أوجب قتاله؛ وأن البلد لأمير المؤمنين يولي فيه من رغب فيه من عبيده، فيسمع له ويطيع، ويخدمه طاعة لله ولمولانا صلوات الله عليه. وأقام نصر الدين نزال واليا على الرملة، وقال هذا عبد أمير المؤمنين وابن عبده، يضبط البلد إلى أن يصل أمر أمير المؤمنين. فخلع على القادم بهذا الخبر وكثر السرور به.
وفي ثالث عشريه خلع على سني الدولة حمد، ابن أخي الباهر، وقلد سيارات أسفل الأرض عوضا عن عدة الدولة بقي الخادم الأسود، وحمل على فرس بسرج مصفح مغموس، وألبس عمامة مذهبة وثوبا طميما.
وفي آخره ورد الخبر بأن حسان بن جراح إنما أظهر ما تقدم ذكره حيلةً وخديعة. وذلك أنه أحضر العسكرية بالرملة، وقرأ عليهم ملطفا وصل إليه من الحضرة يعتذر إليه فيه، ويعلم أن اعتقال أبي الغول وكاتبه لم يكن عن رأي أمير المؤمنين، وإنما جرى من الدزبري برأيه. فلما أوقف العسكرية على الملطف قبلوا خط أمير المؤمنين وعرفوه، أمرهم أن يسيروا به إلى عسقلان ويوقفوا أهلها عليه، فإن كانوا تحت السمع والطاعة لأمر أمير المؤمنين فليسلم الحسن بن سرور الأنصاري الكاتب إلي، وإلا سرت إلى عسقلان ونقضتها حجرا حجرا ونهبتها وقتلت أهلها. فمضى العسكرية بالملطف إلى عسقلان،