بعيد. بلغ الخبز، إذا وجد، رطلا بدرهم، واللحم أربع أواق بدرهم، والرمانة الواحدة بدينار. وكان الناس في كل ناحية يصيحون بالجوع حتى يموتوا؛ ويكون مع الرجل جملة من الدنانير فيطلب من يشبعه خبزا فلا يجده؛ هذا مع الموت الذريع والوباء الفظيع. وورد كتاب بعض ثقات التجار يصف أنه أحصى من مات ممن عرف وكفن ودفن من آخر شهر رمضان إلى بعض ذي القعدة فكانوا مائة ألف وسبعين ألف نفس؛ وأما الغريب ومن لا يعرف ومن يلقى في النيل ولا يجد من يقبره فأكثر من هذه العدة أضعافاً لا تحصى.
وبلغ ماء النيل ستة عشر ذراعا وثمان أصابع.
ومات في هذه السنة ممن له ذكر أبو جعفر بن الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة، يوم الخميس سادس المحرم؛ وكان يعمل بيده أعمالا متقنة. وفي يوم الأربعاء عاشر صفر توفى مفضل بن أبي أحمد المهلبي بعد ما ساءت حاله؛ وكان أديبا جم الأدب غير منكور السيرة. وفي سابع عشره توفي أبو محمد بن يحيى الدقاق من شيوخ الحديث ومؤرخي أخبار مصر. وفي يوم الأربعاء ثالث عشري ربيع الأول توفى ابن أبي الحسين بن زولاق، وكان أديبا، ذيل على تاريخ أبيه المعروف بأبي الحسين. وفي يوم الخميس ثاني عشري ربيع الآخر توفى أبو الحسن بن نحرير الشويزاني، وهو أكبر من بقي من عرفاء الإخشيذية، فبعث الظاهر لكفنه مائتي دينار وعدة ثياب وطيبا كثيرا. وفي يوم الأحد عاشر جمادى الأولى توفي النمل الشاعر، واسمه: ومن شعره:
وتوفى سند الدولة أبو محمد حسن بن محمد بن محمد بن نقيان الكتامي، متولي مدينة حلب، بها، في يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الآخر. وفي يوم الاثنين سادس