وقدم الخبر من حلب بأن صالح بن مرداس حاصر حلب، وما زال بأهل البلد حتى فتحوا له أبوابها، فدخل أصحابه وشرعوا في هدم أبراج السور، فظن الناس أنه يريد بذلك أن يسلم حلب إلى الروم، فاجتمعوا بمن في القلعة، وقد تحصن بها موصوف الصقلبي، وحاربوا أصحاب صالح حتى أخرجوهم وقتلوا منهم مائتين وخمسين رجلا، وامتنعوا منهم بالمدينة. ومن خبر ذلك أن صالح بن مرداس نزل على مدينة حلب في جمع كثير من بني كلاب وغيرهم، فحصرها أشد حصر حتى أخذ المدينة صلحاً من أهلها، ودخلها في رابع عشر ذي القعدة سنة خمس عشرة هذه، وتلقب بأسد الدولة. وامتنع موصوف الصقلبي بالقلعة، فاستخلف صالح على مدينة حلب كاتبه أبو منصور سليمان بن طوق، ومضى إلى بلعبك فأخذه عنوة، وقتل بها خلائق. واشتدت محاصرة سليمان بن طوق لقلعة حلب، وصعد قلعتها حتى قل الماء والزاد بها، فطلب موصوف منه أشياء اشترطها عليه وسلمه القلعة؛ فأتى صالح حلب وصعد قلعتها، وقتل موصوفاً، ورتب أموره، وصار بيده من بعلبك إلى عانة.
وقدم الخبر بأن حسان بن جراح جمع من العرب خلائق وقصد الرملة، فمضى الدزبري إلى عسقلان وتحصن بها، فقبض حسان على جماعة من أهل الرملة ممن سعى به وبأصحابه إلى الدزبري، وضرب أعناقهم، وملك المدينة. فاجتمع الدزبري مع مبارك الدولة فتح، متولي القدس، وفتاح بن بويه الكتامي، وصار إليهم نحو الخمسة آلاف مقاتل، وأوقعوا بحلة كبيرة لإخوة حسان، وقتلوا ولداً لعلي بن جراح، وهزموا من بها.
وقال ابن الرقيق: وكان بمصر من الغلاء والشدة وعدم الأقوات ما لم ير مثله من زمن