أزمتهم وألزموهم بعود العبيد إلى حارتهم؛ فقالوا: ما أردنا النهب، ولا نريد إلا ما نأكله من الجوع فإن الجوع قد اشتد بنا وأكلنا الكلاب. فوعدوا بالنفقة من الغد؛ فعاد الجميع إلى حاراتهم. واجتمعوا من الغد وقصدوا الساحل، ونهبوا دوراً وطرحوا فيها النار، وأخذوا ما وجدوه في الساحل من القمح والشعير وغير ذلك مما في الحوانيت؛ ودخلوا إلى منازل أهل السلاح فنهبوا ما وجدوا. فركب إليهم نافذ وقاتلهم، فجرح له فرس وقتل فارس من غلمانه، فانصرف عنهم. وخرج إليهم عامة المصريين بالسلاح فقاتلوهم؛ ورماهم النساء من أعلا الدور بالحجارة والطوب والجرار، حتى هزموهم؛ وأغلق الناس دورهم، وحفروا دونها خنادق. وركب معضاد وجميع الصقالبة والقواد، فطردوا العبيد عن البلد إلى المقس، ولقوا في طريقهم قوماً معهم كثير من أمتعة الناس التي نهبت، فقبضوا عليهم، وضرب معضاد رقاب تسعة أنفس منهم ورمى جثثهم إلى الكلاب عند الحمراء والمشتهى. ثم لقي ستة نفر منهم فضرب رقابهم بالقاهرة.
وتعذر وجود الخبز فلم يقدر عليه، وبيع رطلاً بدرهم. وبات الناس ليلة الجمعة على حرس، وأصبحوا يترقبون المكروه، فطاف النهابة أسواق القاهرة والسويقة التي عند باب زويلة، فخرج إليهم حظي الصقلبي ومعه سيف من الحضرة، فقبض على طائفة منهم، ضرب رقابهم ورمى جثثهم إلى الكلاب على باب زويلة وعلى باب الفتوح وفي سوق السلاح وعند شرطة القاهرة؛ وعدتهم اثنا عشر رجلا. ووجد كتاميا يقال له سليمان، قد أخذ حمارا محملاً دقيقا، فضرب عنقه. وأحضر عرفاء العبيد إلى القصر وشدد عليهم في إحضار الجناة من العبيد، ووعدهم بالنفقة في العبيد.
وأصبح الناس يوم الأحد سابع عشريه يستغيثون إلى متولي الشرطة السفلى من العامة التي نهبتهم، فقبض على طائفة منهم بكوم دينار، وعوقبوا حتى أقروا بما عندهم من النهب، فسيقوا حتى أخرجوه من كوم دينار وأخذه أربابه.