وفى رجب قرئ سجل بمنع الناس من تقبيل الأرض للحاكم، وبمنعهم من تقبيل ركابه ويده عند السّلام عليه فى المواكب، والانتهاء عن التخلّق بأخلاق أهل الشرك من الانحناء إلى الأرض فإنّه صنيع الروم؛ وأمروا أن يكون للسلام عليه: السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ونهوا عن الصّلاة عليه فى المكاتبة والمخاطبة، وأن تكون مكاتبتهم فى رقاعهم ومراسلاتهم بإنهاء الحال، ويقتصر فى الدعاء على سلام الله وتحيّاته وتوالى بركاته على أمير المؤمنين، ويدعى له بما سبق من الدعاء لا غير. فلما كان يوم الجمعة لم يقل الخطيب سوى: اللهم صلّ على محمد المصطفى وسلّم على أمير المؤمنين علىّ المرتضى، اللهم وسلّم على أمراء المؤمنين آباء أمير المؤمنين، اللهم اجعل أفضل سلامك على سرّك وخليفتك.
وأنزل من القصر سبع صناديق فيها ألف ومائتان وتسعون مصحفا إلى الجامع العتيق ليقرأ فيها الناس. وأحصيت المساجد التى لا غلّة لها فكانت ثمانمائة مسجد ونيّف، فأطلق لها فى كل شهر تسعة آلاف ومائتا درهم وعشرون درهما، لكل مسجد اثنا عشر درهما.
ومنع من ضرب الطبول والأبواق التى كانت تضرب حول القصر فى الليل، فصاروا يطوفون بغير طبل ولا بوق. وأنزل إلى جامع ابن طولون ثمانمائة مصحف وأربعة عشر مصحفا.
وأبطلت مكوس الحسبة، وأذن للناس بالتأهب للحج فى البرّ والبحر.
وفى رمضان صلى الحاكم بالناس مرّة فى جامعه براشدة، ومرة بجامعه خارج باب الفتوح
وفيه ظهر جراد كثير حتى أبيع فى الأسواق. وصلّى بالجامع العتيق بمصر جمعة، وهو أول من صلى فيه من الخلفاء الفاطميّين. ومنع النساء من الجلوس فى الطرقات للنظر إليه.
وأخذ القصص (١) بيده ووقف لأهلها وسمع كلامهم؛ وخالطه العوامّ وحالوا بينه وبين
(١) القصص هى الرقاع التى بكتبها أصحاب المظالم يحكون فيها ما وقع بهم من ظلم ويسألون رفعه.