ما صار به تلا مرتفعا. وضم أهله ما وصل إليهم منه في تابوت وأسدلوا عليه ستراً، وتركوه في بيت مؤزر بالستور وأوقدوا الشموع، وأقاموا عزاءه. فتعلقت من بعض الشموع شرارة في الستور التي هناك ومضت فيها، فاحترق التابوت بما فيه.
وكان مقدار ما حصل في بيت المال البراني على يدي أبي نصر صدقة الوزير وأبي سعيد إبراهيم التستري من يوم مات الوزير علي بن أحمد الجرجرائي وإلى أن قتل أبو سعيد سبعمائة ألف دينار. والذي مات عنه الجرجرائي، وهو حاصل بيت المال المذكور برسم النفقات، ألف وسبعمائة ألف وستمائة وواحد وعشرون ديناراً ونصف ونصف ثمن دينار. فصار حاصل بيت المال برسم النفقات إلى أن قتل أبو سعيد ألقى ألف دينار وأربعمائة ألف دينار وستمائة دينار وواحد وعشرون ديناراً ونصف ونصف ثمن دينار.
ورد المستنصر لأبي نصر، أخي أبي سعيد، خزانة الخاص، ولولدي أبي سعيد النظر في بعض الدواوين. وحقدت أم المستنصر على الوزير أبي منصور صدقة بن يوسف الفلاحي بسبب قتل أبي سعيد، وما زالت به حتى صرفته عن الوزارة واعتقلته بخزانة البنود. وقيل كان صرفه في سادس المحرم سنة أربعين.
واتفق أنه لما قبض عليه وسجن بخزانة البنود وأمر بقتله بها، حفرت له حفيرة ليوارى فيها، فظهر للفعلة عند الحفر رأس، فلما رفع سئل عنه الفلاحي، فقال هذا رأس ابن الأنباري، وأنا قتلته ودفن في هذا الموضع؛ وأنشد:
ربّ لحدٍ قد صار لحداً مراراً ... ضاحكٍ من تزاحم الأضداد