للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سديد الدولة على بن أحمد الضيف ناظرا بالشام (١)، فتلطف ببدر غلام عزيز الدولة حتى تسلم البلد منه والقلعة، وولاها أصحاب الظاهر. وسبب ذلك أن كتابا وصل إليه من الظاهر بخطّه يطيّب نفسه، وأظهر هذا الكتاب فى حلب فى أيام الملك رضوان أخذه من بعض أهلها؛ وكان فى ورق إبريسم أسمر عريض، فيه ثلاثون سطرا بخط وسط. وكان صدر الكتاب: عرض بحضرتنا يا بدر - سلمك الله - ما كتبت على يد كاتبك ابن مدبر، وعرفنا ما قصدته، ولم نسئ ظنّا بك لقول فيك ولا شناعة ذكر. وقد بعثنا بأحد ثقاتنا إليك وهو على بن أحمد الضيف ليجدّد الأخذ عليك. فلما دخل ابن الضيف على بدر بالكتاب استرسل إليه وطرح القيد فى رجليه، فقبض عليه وأنزله من القلعة. وأقام بحلب سنة. وسلمها موصوف الخادم إلى أصحاب الظاهر وثقاته.

وفى سنة ثمان عشرة وأربعمائة فى ذى الحجة والناس يطوفون بالكعبة قصد رجل ديلمىّ من الباطنية الحجر الأسود فضربه بدبوس فكسره، وقتل فى الحال، وقتل معه جماعة ذكر أنهم كانوا معه وعلى اعتقاده الخبيث (٢).

ولما تسلم بدر مدينة حلب من عزيز الدولة فاتك بقى بها سنتين، ثم ملكها موصوف


(١) يعرف القلقشندى بوظيفة ناظر نظار الشام فيقول «وهو الذى يقوم مقام الوزير بالديار المصرية» السلوك: ٦٦٧:١: حاشية: ٣.
(٢) جاء فى النجوم الزاهرة: لما وصل الحاج المصرى إلى مكة المشرفة وثب شخص من الحاج إلى الحجر الأسود وضربه بدبوس كان فى يده حتى شعثه وكسر قطعا منه، وعاجله الناس فقتلوه. ثم ينقل عن هلال الصابى كتابا كتبه الظاهر يبدؤه بالنعى على جماعة ذهبت فى الغلو فى على بن أبى طالب أمدا بعيدا وادعت فيه ما ادعت النصارى فى المسيح؛ ثم تجمعت عنها فرقة وقالوا فى آبائه وأجداده منكرا من القول وزورا .. ثم يتبرأ الظاهر من هذه الاتجاهات ويتطرق إلى حادثة الحجر الأسود ويستنكرها ويتبرأ من مرتكبها، ويختم الكتاب بقوله «لقد ارتقى هذا الملعون مرتقى عظيما ومقاما جسيما أذكر به ما كان أقدم عليه غلام ثقيف المعروف بالحجاج - لعنه الله - من إحراق البيت وهدمه وإزالة بنيانه وردمه». النجوم الزاهرة: ٢٤٨:٤ - ٢٥٠. انظر أيضا: الكامل: ١١٤:٩ - ١١٥.