للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقله وحاله، فوقف تحت القصر وشتمه أقبح شتم، وبالغ فيما شتم به، فضربه الرّقاصون حتى سقط، وجرّوه برجله وسحبوه إلى السجن بالشرطة، فضربه متوليها ثلاثين درة واعتقله.

وتزايد أمر الغلاء؛ ونزل دواس المحتسب برجاله ومعه السعدية، وكتب مائة وخمسين مخزنا قمحا وختم عليها؛ فأصبح الناس يوم الاثنين سادس عشره على أقبح صورة، وكثر الصياح: الجوع الجوع؛ ولم يظهر خبز ولا دقيق. وبيع الدقيق رطلا ونصفا بدرهم، والخبز الأسود رطلين بدرهم وربع.

وفيه خرج حاجّ المغاربة إلى مكة، فلم يصحبهم أحد من أهل مصر؛ وعند ما عدّوا بركة الجب خرج عليهم طائفة من القيصرية والعبيد، وكانت بينهم وقعة هزمهم فيها المغاربة وجرحوا كثيرا منهم.

وفيه طلب المحتسب إلى القصر، وهدّد، وقيل له: قد قتلت الناس جوعا وخربت البلاد على مولانا، وهذا خطّك بضمانك عمارة البلد بالأخباز والقمح إلى حين إدراك الغلّة.

فوعد بتلافى الأمر، ونزل؛ وأطلق القمح من المخازن للطّحّانين، وسعّر عليهم دينارين ونصفا للتليس، وأمرهم ببيع الحملة الدقيق بأربعة دنانير، والخبز رطلين ونصفا بدرهم، فسكن الحال قليلا (١).

وفيه أفرج عن محمد بن جيش بن الصّمصامة.

وفى عشريه ركب الظاهر إلى الصّيد بسردوس (٢)، وعاد. وفى ثالث عشريه عاد


(١) ليس هناك كبير فرق بين هذه الأسعار وما ذكر قبل أسطر فى الحديث عن شدة الغلاء إذ بلغت حملة الدقيق عندئذ أربعة دنانير وثلثين وتليس القمح ثلاثة دنانير.
(٢) من أعمال القليوبية قرب مدينة قليوب، وهناك خليج حفر أيام الفراعنة عرف باسم خليج سردوس. الخطط؛ النجوم الزاهرة؛ قوانين الدواوين: ٢٠٥.