وسار إلى جبل يقال له إيكجان، وفيه فج الأخيار، فقال: هذا فج الأخيار، وما سمى إلا بكم، ولقد جاء في الآثار: للمهدي هجرة تنبو عن الأوطان، ينصره فيها الأخيار من أهل ذلك الزمان، قوم اسمهم مشتق من الكتمان، وبخروجكم في هذا الفج سمى فج الأخيار.
فتسامعت القبائل، وأتاه البرابر من كل مكان، فعظم أمره إلى أن تقاتلت كتامة عليه مع قبائل البربر، وهو لا يذكر في ذلك اسم المهدي، فاجتمع أهل العلم على مناظرته وقتله، فمنعه الكتاميون من المناظرة، وكان اسمه عندهم أبا عبد الله المشرقي.
وبلغ خبره إلى إبراهيم بن أحمد بن الأغلب أمير إفريقية، فأرسل إلى عامله على مدينة ميلة ليسأله عن أمره، فصغره عنده، وذكر أنه يلبس الخشن، ويأمر بالخير والعبادة، فسكت عنه.
ثم إن أبا عبد الله قال للكتاميين.
أنا صاحب البذر الذي ذكر لكم أبو سفيان والحلواني.
فازدادت محبتهم له، وتعظيمهم لأمره، فلما ظهر لأهل المغرب علمه وفضله، قال أحد الأولياء لأصحابه: لولا واحدة كان الحلواني يقولها ما تخالجني الشك في أن هذا الرجل هو الذي كان الحلواني يبشر به.