محاربتهم، فبرزت العبيد إليهم؛ وكانت بين الفريقين حروب بناحية كوم شريك قتل فيها عدة، وانهزم العبيد وقويت الأتراك؛ هذا والسيدة أم المستنصر تمد العبيد بالأموال والسلاح.
فاتفق في بعض الأيام أن بعض الأتراك وقف على شيء مما تبعث به أم المستنصر إلى العبيد لتعينهم به على محاربة الأتراك، فأنكر ذلك وأعلم أصحابه، فاجتمعوا وصاروا إلى المستنصر وتجرءوا عليه بالقول وأغلظوا في المخاطبة؛ فأنكر أن يكون عنده من ذلك خبر، وصار السيف قائماً. فدخل على أمه وأنكر عليها ما تعتمده من تقوية العبيد وإعانتهم على محارة الأتراك. ثم انتدب أبا الفرج ابن المغربي، الذي كان وزيرا؛ فخرج؛ ولم يزل يسعى بين الأتراك والعبيد حتى أوقع الصلح بين الفريقين. فاجتمع العبيد وساروا إلى ناحية شبرا دمنهور. فكانت هذه الكائنة أول الاختلاف بين طوائف العسكر.
وكانت السبب في كثرة السودان بالقصر أن أم المستنصر كانت جارية سوداء قدم بها أبو سعيد التستري المقدم ذكره، فأخذها منه الظاهر واستولدها المستنصر. فلما أفضت الخلافة إلى ابنها المستنصر، ومات الوزير صفي الدين الجرجرائي في سنة ست وثلاثين وأربعمائة استطالت أم المستنصر وقويت شوكتها، وتحكمت في الدولة، واستوزرت مولاها أبا سعيد. وتوقفت أحوال الوزير الفلاحي معه، فاستمال الأتراك وزاد في