للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعوا بخراسان؛ فاستجاب لهم طوائف من الناس. وحصلوا عند بغرا خان، أخى رسلان خان صاحب ما وراء النهر (١). فلمّا علم بهم تلطّف فى الكشف عنهم بأن استمالهم وقرّبهم، وأطمعهم أنّه يريد الدّخول فيما هم فيه؛ فأنس به طائفة منهم، وأرادوا أن يأخذوا عليه العهود والمواثيق، فخدعهم بإطلاق المال، واستخبر به ما عندهم، حيث إنّه أنفق عليهم فى مدة سنتين ثلاثمائة ألف درهم، حتى اطّلع على عددهم، وعرف مواضعهم؛ وهم يطالبونه باليمين والعهد إلى أن أجابهم على شرط أن يكتبوا أيمانهم، ويطلعوه على باطنهم.

فكتبوا ذلك ودفعوه إليه ليتفكّر به، وقد كتب كتابا على قدر كتابهم وشكله، يقسم فيه بالأيمان المغلّظة أنه متى انكشف له من أمرهم ما يدلّ على الإلحاد والخروج عن تشريع الإسلام ذبحهم بيده تقرّبا إلى الله تعالى. ثم استدعاهم وأعلمهم استجابته إلى ما دعوه إليه، وردّ إليهم الكتاب حتى شاهدوه وعرفوه، واستعاده ليحلف به. فلمّا حصل فى يده أخرج الكتاب الذى كتبه وحلف أنه يفى بجميع ما تضمّنه ولا يعدل عنه؛ فوثقوا بذلك، وخفى عليهم فرق ما بين الكتابين.

ثم جمعهم وقال لهم ما أتمكّن من إظهار نفسى والمبادرة بنصرتكم إلاّ فى عدد قوى، فإنّ بلاد التّرك تشتمل على ثلاثمائة ألف سيف مشهور تخالف هذا المذهب؛ فإن كنتم فى عدد قويت به. فذكروا له دعاتهم ببلاد المشرق وسمّوهم له، وأفضوا إليه بجميع سرّهم، ودفعوا إليه كتبهم إلى جميع أصحابهم بما استقرّ العزم عليه. ثم جمعهم وأحضر فقهاء بلده لمناظرتهم، وفيهم عبد الملك بن محمد البلخى الفقيه بن محمد شيخ البلد، ونصر بن عطاء، وجعلهما


(١) بغرا خان الثالث، محمود (أو محمد) بن يوسف قدرخان حكم فى ما وراء النهر بين سنتى ٤٢٥ - ٤٤٩ (١٠٣٣ - ١٠٥٧)، وهو أخو شرف الدولة أبى شجاع أرسلان خان الثانى بن يوسف قدر خان، من أسرة إيلك خانات فارس التى حكمت ما وراء النهر بين سنتى ٣١٥ - ٤٤٩ (٩٢٧ - ١٠٥٧)، وتفرعت عنها الجماعة التى حكمت بخارى، فيما وراء النهر أيضا، وتلك التى كانت فى كاشغر وخوتان وبلاسانون. معجم الأنساب. انظر أيضا:
Mohammadan Dynasties .