للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها قبض على أبى نصر إبراهيم بن سهل، واتّهم أنه مالأ ثمال بن صالح حتى قتل جعفر بن كليد [صاحب حمص]؛ وسلّم إلى الوزير أبى البركات الجرجرائى فضيّق عليه وصادره حتى مات تحت العقوبة. وكان هو الذى سعى به إلى المستنصر فقال إنه عين لثمال.

واتفق وصول الخادم رفق إلى دمشق وخروجه منها فى سادس صفر يريد حلب، فوصل إلى جبل جوشن (١) فى ثانى عشرى ربيع الأوّل، وأقام هناك؛ ثم بدا له فبعث بما معه من الأثقال إلى المعرّة، فظنّ من معه من العساكر أنّه يريد أن ينهزم، فأجدّوا فى الرّحيل وقد حاصر قلوبهم الوجل وداخلهم الخوف؛ فأمر بردّهم إليه، فأبوا ذلك عليه. وفطن أهل حلب لهم (٢). فتبعوهم ونهبوا ما قدروا عليه منهم؛ وكانت بينهما حرب جرح فيها رفق فى عدة مواضع من رأسه وبدنه، وأسر، وانهزم العسكر بأسره. وحمل رفق على بغل وهو مكشوف الرأس، ومعه جماعة من وجوه عسكره، فلم يحتمل ما أصابه، واختلط عقله، ومات بقلعة حلب بعد ثلاثة أيام، فى مستهل ربيع الآخر؛ واعتقل عامّة من كان معه من القوّاد والكتّاب بحلب.

فلما ورد الخبر بذلك على المستنصر أمر بالإفراج عن ناصر الدولة أبى محمد الحسن بن الحسين بن حمدان من الاعتقال، وقلّد إمارة دمشق الأمير المؤيد مصطفى الملك معز الدولة؛ ذا الرئاستين، حيدرة بن الأمير عصب الدولة حسين بن مفلح، فى رجب، وخرج معه ناظرا فى أعمال الشام أبو محمد الحسين بن حسن الماسكى (٣).


(١) جبل مطل على حلب فى غربيها، فى سفحه مقابر الشيعة ومشاهدهم، ومنه كان يحمل النحاس الأحمر. يقول ياقوت: وقد بطل هذا إذ أصبح من عمل فيه لا يربح وفى قبلى الجبل مشهد يقال له مشهد السقط، أو مشهد الدكة، والسقط يسمى محسن بن الحسين، . معجم البلدان: ١٧٢:٣ - ١٧٣.
(٢) فطن به وإليه وله كفرح ونصر وكرم. القاموس المحيط.
(٣) لعل هذه التسمية نسبة إلى ما سكان من نواحى مكران وراء سجستان، أو من نواحى سجستان المجاورة لإقليم مكران، أو التى هى اسم لسجستان. هكذا عرف بها ياقوت فى اضطراب، بمعجم البلدان: ٣٦٥:٧. أو لعل أحد أجداده كان يسمى ماسك فنسب إليه، كما هى الحال بالنسبة لأبى بكر محمد بن يعقوب ابن إسحاق بن ماسك الواسطى الماسكى. الباب لابن الأثير: ٨٣:٣.