للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زناتة من بعد صنهاجة، وغلبوهم على الضواحى واتصلت الفتنة بينهم فخربت إفريقية بأسرها، وصيروا البربر لهم خولا. ومات المعزّ بن باديس سنة أربع وخمسين وأربعمائة.

وكان المستنصر لما بعثهم إلى إفريقية جعل المؤنس (١) بن يحيى المرداسى ولاية القيروان وباجة (٢)، وأعطى زغبة طرابلس وقابس، وجعل الحسن بن مسرة فى ولاية قسنطينة؛ فلما غلبوا صنهاجة ملك كل منهم ما عقد عليه، فاشتدّ عيثهم وإفسادهم.

وفيها كانت وقعة البحيرة. وذلك أنها فى إقطاع بنى قرة (٣) وقد ملكوها وعمروا ضياعها، وكثرت فيها أموالهم واشتدت شوكتهم، وخشن جانبهم، وكثر المقدّمون فيهم حتى انتشر ذكرهم، وذلّ لهم عددهم؛ وثقل أمرهم على الولاية بالإسكندرية؛ فجاورهم الطّلحيّون واستذمّوا منهم، وكانت لهم واجبات على الدولة من غير إقطاع، وهم يأخذون واجباتهم محمولة مع واجبات العسكر بالإسكندرية عند ما تحمل إليها. فاتفق أن ناصر الدولة ابن حمدان أبا نصر الدولة حسين كان واليا بالإسكندرية. فاستحق الطّلحيون على الدولة، عن واجباتهم المذكورة، ثلاثة آلاف دينار، فواصلوا اقتضاء ناصر الدولة إنفاقهم فيهم، فوعدهم؛ وكتب إلى الحضرة يلتمس ذلك؛ فوعده الوزير أنه إذا حمل إلى رجال العسكر استحقاقهم حمل ذلك فى جملته. وكان قد بقى على حمل المال شهران، فاستبعدوا الصّبر إلى ذلك الوقت وواصلوا مطالبته؛ وحملوا القرّيّين (٤) على معونتهم


(١) فى الأصل: يونس، والتصحيح استعانة بما سبق فى المتن، وبما جاء فى الكامل: ١٩٦:٩.
(٢) بجاية مرسى ومدينة؛ وترجع أهميتها إلى مينائها الرئيسى، وبالقرب منها منازل كتامة الأنصار الأوائل للفاطميين. البكرى: ٨٢؛ معجم البلدان: ٦٢:٢.
(٣) بهامش الأصل تعليق نصه: «بخطه: بنو قرة بطن من سويد، أى فى خزام، وهم بنو سويد بن رشد بن مية ابن الضبيب بن برة بن سنير بن عبيد بن كعب بن على بن سعد بن إيامه بن غطفان، وقيل إيامه بن عنيس بن غطفان بن سعد ابن إياس بن نمر بن خزام؛ ومنهم بنو قرة بن عمرو بن ربيعة بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة بن سعد ابن بكر بن هوازن».
(٤) فى الأصل القرين بتشديد الراء. ولعل المثبت أكثر صحة إذ هو جمع لقرى نسبة إلى بنى قرة.