الملثمة والأتراك بمصر والقاهرة، وتحاربوا. وكان قد حصل ذلك من بعد قتل اليازوري في سنة خمسين كما تقدم؛ فما زالت أمور الدولة تضطرب وأحوالها تختل، ورسومها تتغير، من سنة خمسين إلى سنة سبع وخمسين، فابتدأت الشدة منها تتزايد إلى سنتي ستين وإحدى وستين، فتفاقم الأمر وعظم الخطب واشتد البلاء والكرب. وما برح المصاب يعظم إلى سنة ست وستين، وكان أشدها مدة سبع سنين، من سنة تسع وخمسين إلى سنة أربع وستين أخصبت كل شر، وهلك فيها معظم أهل الإقليم. ثم أخذ البلاء ينجلي من سنة أربع وستين إلى أن قدم أمير الجيوش بدر في سنة ست وستين، كما سيأتي ذكره إن شاء الله. فكانت السبع سنين المذكورة يمد فيها النيل ويطلع وينزل في أوقاته، فلا يوجد في الإقليم من يزرع الأراضي ولا من يقيم جسوره، من كثرة الاختلاف وتواتر الحروب، وانقطاع الطرقات في البر والبحر إلا بالخفارة الثقيلة وارتكاب الخطر؛ ولم يوجد ما يبذر في الأراضي للزراعة، فإن القمح ارتفع الأردب منه من ثمانين ديناراً إلى مائتي دينار، ثم فقد فلم يقدر عليه ولا الخليفة.
وفيها صرف ابن أبي كدينة عن القضاء في ثالث عشر صفر، وتولى المليحي؛ وصرف جلال الملك عن الوزارة، وصرف معه أيضا المليحي عن القضاء في يوم واحد، وجمعا معاً لخطير الملك محمد بن اليازوري فباشرهما إلى شوال، ثم صرف عنهما. فاستقر فيهما بعده ابن أبي كدينة إلى ذي القعد؛ وأعيد المليحي بعده.
وفيها احترق جامع دمشق ليلة الاثنين، النصف من شعبان، بعد العصر، وسببه فتنة