بخدمات وجبت لهما عمّا يستحقّانه وغلمانهما من ديوان الحلبيين؛ وأن حصة الوزير أبى الفرج قوّمت عليه بخمسة آلاف دينار، وكانت تساوى أكثر من مائة ألف دينار، نهبت بأجمعها من داره يوم انهزم ناصر الدولة من مصر فى صفر، مع غيرها ممّا نهب من دور من سار معه من الوزير أبى الفرج وابن أبى كدينة وغيرهما.
وأخرج ما فى خزائن دار العلم بالقاهرة. وصار إلى عماد الدولة أبى الفضل بن المحترف بالإسكندرية كثير من الكتب، ثم انتقل منها كثير، بعد مقتله، إلى المغرب وأخذته لواتة، فيما صار إليها بالابتياع أو الغصب من الكتب الجليلة المقدار ما لا يعدّ ولا يوصف، فجعل عبيدهم وإماؤهم جلودها نعالا فى أرجلهم، وأحرق ورقها تأوّلا منهم أنها خرجت من القصر وأنّ فيها كلام المشارقة الّذى يخالف مذهبهم، فصار رمادها تلالا عرفت فى نواحى أبيار بتلال الكتب، وغرق منها وتلف، ووصل إلى الأمصار ما يتجاوز الوصف.
وأخرج من بعض الخزائن التى بالقصر بيضة كبيرة كأكبر ما يكون من بيض النعام محلاّة بذهب، فأخذها المستنصر دون ما أخرج من تلك الخزانة ممّا له خطر وقدر؛ فقال بعض الحاضرين هذه بيضة نعامة، فتغافل بعض من حضر من الأتراك عنها، وأخذوا النّفائس من الذّخائر وانصرفوا. فسئل المستنصر من بعض الخدم عن هذه البيضة، فقال: هى بيضة حيّة أهداها بعض الملوك إلى جدّى القائم بأمر الله، وكان يحتفظ بها، وهذه الرّقعة بخط القائم بأمر الله باسم مهديها والسنة التى أهديت فيها.
وأخرج من القصر فى ثلاثة أيام من المحرّم ما قيمته من العين اثنان وعشرون ألف دينار وستمائة وستة وسبعون دينارا وثمن دينار، منها قيمة متاع ثلاثة عشر ألفا وثمانمائة وثلاثون دينارا وثلث وثمن، وقيمة جوهر ثمانية آلاف وثمانمائة وخمسة وأربعون دينارا وثلثان؛ هذا على أنّ ما يساوى ألف دينار يقوّم بمائة دينار وما دونها. فإذا كان هذا فى ثلاثة أيام فكيف يكون فى مدّة سنتين ليلا ونهارا!