فضيق على أهلهما، وبعث المقتدر بالله مؤنساً الخادم في جيش كثيف، فحاربهم وأجلاهم عن مصر إلى المغرب.
وكان سبب تحرك أبي القاسم بن المهدي إلى حرب أهل مصر أنه وجه إلى بغداد قصيدة يفخر فيها بنسبه، وبما فتح من البلاد، فأجابه الصولي بقصيدة على وزنها ورويها، فمنها:
فلو كانت الدنيا مثالاً لطائرٍ ... لكان لكم منها بما حزتم الذّنب
فحرك همته هذا البيت، وقال: والله لا أزال حتى أملك صدر الطائر ورأسه إن قدرت، وإلا أهلك دونه.
وكابد على ديار مصر من الحروب أهوالا، ومات ولم يظفر بها، وأوصى ابنه المنصور بما كان في عزمه، فشغلته الفتن، وكان الظافر بها المعز.
فلما كان في سنة اثنتين وثلاثمائة أنفذ المهدي جيشا مع قائد من قواده يقال له حباسة في البحر، فغلب على الاسكندرية، ثم سار منها يريد مصر، فأرسل المقتدر بالله مؤنساً في عسكر إلى مصر، وأمده بالسلاح والأموال، فالتقى بحباسة في جمادى الأولى، فكانت بينهما حروب كثيرة، قتل فيها من الفريقين جمع عظيم، وانهزم حباسة في سلخ جمادى الآخرة، ويقال إنه قتل في هذه الواقعة سبعة آلاف ولما صار حباسة إلى المغرب قتله المهدي.
وفيها، خالف عليه عروبة بن سيف الكتامي بالقيروان، واجتمع عليه خلق كثير من كتامة والبرابر، فأخرج إليهم المهدي موالاه غالبا، فاقتتلوا، فقتل غالب في عالم لا يحصى، وجيء بعدة رءوس إلى المهدي في قفة، فقال: