غيره؛ فرمى من الفرس إلى الأرض، وضربوه ثمان ضربات. وكان القائد بعيدا منه لأخذ رقاع الناس وسماع تظلمهم وتفريق الصدقات على الفقراء بالطريق؛ فلما سمع الضوضاء أسرع إليه ورمى نفسه إلى الأرض عليه، فوجده قد قضى نحبه. وحمل على أيدي مقدمي ركابه والقائد راجل، وهم يبشرون الناس بالسلامة. وقتل من الذين خرجوا عليه ثلاثة وقطعوا وأحرقوا، وسلم الرابع، وكان اسمه سالماً، ولم يعلم به إلا لما ظفر به مع غيره بعد مدة.
ولم يزل الأفضل محمولا ولا يمكن أحد من الوصول إليه إلى أن دخل به على مرتبته التي كان يجلس عليها أو يمطى. وقال القائد للخليفة أدركني وتسلم ملكك لئلا أغلب عليه. وصار أي من لقيه يهنئه بسلامة السلطان ويوهم أهله أن الطبيب عنده، ويأمرهم بتهيئة الفراريج والفواكه. وعاد إلى قاعة الجلوس فوجدها قد غصت بالناس، فرد عليهم السلام وهنأهم، وأظهر قوة عزم؛ ثم عاد إلى القاعة الكبيرة وقد حضر إليه متولى المائدة الأفضلية واستأذنه على السماط المختص بالعيد فقال له اذبح ووسع، فالسلطان بكل نعمة وهو الذي يجلس على السماط في غد؛ ومع ذلك فكان في قلق وخوف شديد من أن يبلغ أولاد الأفضل فيجري عنهم ما لا يستدرك وتنهب الدار.
فلما أصبح الصباح وركب الخليفة ودخل إلى الدهليز الذي كان يركب منه الأفضل ومعه الأستاذون المحنكون قال القائد أبو عبد الله للخليفة: عن إذن مولانا أفتح الباب؛ وكان قد منع من الدخول إلى الدار؛ فقال الخليفة: نعم ففتح على الأفضل وقال له القائد: الله يطيل عمر أمير المؤمنين ويفسح في مدته ويورثه أعمار مماليكه؛ هذا وزيره قد صار إلى الله تعالى، وهذا ملكه يتسلمه. ثم ضربت للوقت المقرمة على الأفضل؛ وأمر الخليفة بإحضار من بالقاعة من الأمراء والأجناد، فدخل الناس على غير طبقاتهم إلى أن مثلوا بين