للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى قليل ممن معه وأقام بالرملة حتى تلاحقت به عساكره (١). ثم رحل إلى القدس ففتحها وقتل من فيها من المسلمين ولم يترك من استجار بالأقصى.

ثم سار إلى دمشق، فدخلها لعشر بقين من شعبان؛ وقد احتوى أمير الجيوش على كثير ممّا كان معهم، ورجع إلى القاهرة مؤيّدا مظفّرا. وكان المتولى لكسرة أطسز بدر بن حازم ابن على بن دغفل بن جراح. فلمّا جلس أمير الجيوش بدر الجمالى للهناء بنصرته قرأ ابن لفتة، أحد القراء، «وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ»، ولم يتمّ الآية، يعنى بدر بن حازم.

فبينا أمير الجيوش بدر فى ذلك إذ بلغه اجتماع عرب قيس وسليم وفزارة، فخرج إليهم وأوقع بهم، وأكثر من القتل فيهم، وفرّ من بقى منهم إلى برقة.

وفيها سقط أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ النّحوى (٢) من سطح جامع عمرو بن العاص بمصر، فمات فى عشية اليوم الثالث من رجب؛ وكان له على الدّولة الفاطميّة فى كل شهر ثلاثون دينارا وغلّة لإصلاح ما يكتب فى ديوان الإنشاء، فكان يعرض عليه جميع ما يكتب منه، وإذا حررّه أمر به فدفع لأربابه. ثم إنه تخلّى عن الخدم السّلطانية وانقطع للعبادة حتى مات؛ وكان أبوه واعظا بمصر.


(١) ويقول ابن القلانسى: وأفلت هزيما بنفسه فى نفر يسير من أصحابه، ووصل إلى الرملة وقد قتل أخوه وقطعت يد أخيه الآخر. وكان الدعاء عليه، حين خرج إلى مصر لتملكها، متواصلا من أهل دمشق، واللعن له متتابع متصل: ولما وصل بعد الفل إلى دمشق سرت نفوس الناس بمصابه، وتحكم السيوف فى أتباعه وأصحابه، فأملوا مع هذه الحادثة سرعة هلاكه وذهابه. اه. ذيل تاريخ دمشق: ١٠٩ - ١١٢. راجع تفاصيل هذا الصدام فى مرآة الزمان لسبط ابن الجوزى. وقد اقتبست فى ذيل تاريخ دمشق - بالهامش - ص ١٠٩ - ١١٢.
(٢) وهو صاحب «المقدمة» فى النحو. وبابشاذ تكتب منفصلة: باب شاذ، بمعنى الفرح والسرور. وسر انقطاعه للعبادة أنه كان جالسا يأكل فجاءه قط فكان إذا ألقى إليه شيئا لا يأكله ويحمله ويمضى، وكثر ذلك منه، فتبعه يوما لينظر أين يذهب بما يطعمه، فإذا هو يحمله إلى موضع مظلم فيه سنورة عمياء فيلقيه لها فتأكله، فعجب وقال: إن الذى سخر هذا لهذه ليجيئها بقوتها قادر على أن يغنينى عن هذا العالم. ومن تصانيفه: شرح جمل الزجاجى؛ المحتسب فى النحو؛ شرح النخبة. النجوم الزاهرة: ١٠٥:٥؛ بغية الوعاة: ١٧:٢.