للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليلة حضر صبيحتها الأفضل ومعه الداعي والأمراء والأجناد، ووقف بظاهر المقرمة، ثم جلس وكلهم قيام، وأخذ في التعزية، ثم قال: يا مولاتنا من ارتضاه للخلافة؟ فقالت: هي أمانة قد عاهدني عليها، وأوصاني بأن الخليفة من بعده ولده أبو القاسم أحمد. فحضر وبايعته عمتي، وبايعه أخوه الأكبر عبد الله فأشار الأفضل إلى نزار فبايعه، وأمر بالتوكيل على نزار وتأخيره، فأخر إلى مكان لا يصلح له. واستدعى الأفضل الداعي وأمره بأخذ البيعة من نفسه ومن الموالي والأستاذين. وسألت عمتي الأفضل في نزار فرفع عنه التوكيل عليه بعد أن كلمه بكلام فيه غلظة؛ ووالله ما مضى أخي نزار إلى ناصر الدولة أفتكين بالإسكندرية لطلب إمامة ولا لادعاء حق، ولكن طالب بالزوال للأفضل وإبطال أمره لما فعله معه. والله يلعن من يخالف ظاهره باطنه. فشكرها الناس على ذلك.

وكان سبب حضور أخت نزار في هذا المجلس أن المأمون قال للآمر: قد كشفت الغطاء وفعلت ما لا يقدر أحد على فعله، وأما القصر فما لي فيه حيلة. ولوح أن أخت نزار وأولادها لا يمكنني كشف أمرهم. فلما بلغ أخت نزار ذلك حضرت إلى الخليفة الآمر لتبرئ نفسها، ورغبت أن تخرج للناس لتقول ما سمعته من والدها وشاهدته ليكون قولها حجة على من يدعي لأخيها ما ليس له. فاستحسن الآمر ذلك منها؛ وأحضر المأمون وأخاه شقيقه أبا الفضل جعفر بن المستعلى، واتفقوا على يوم يجتمعون فيه. فلما كان في شوال عمل المجلس المذكور.

وأما النزارية فإنها تقول إن المستنصرمات والأفضل صاحب الأمر والمستحوذ على المملكة والجند جنده، وغلمان أبيه لا يعرفون سواه؛ وكان نزار، لما يرى من غلبة الأفضل على الدولة، يتكلم بما بلغه، فينكره، فلما مات المستنصر والأفضل متخوف من شر نزار أقام أحمد ابنه، المستعلى، لأنه زوج أخته ولأنه صغير.

وفيها أراد الآمر أن يحضر إلى دار الملك في يوم النوروز الكائن في جمادى الآخرة ويركب إليها في المراكب على ما كان عليه الأفضل، فمنعه المأمون من ذلك، وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>